مع
اشتعال المعارك بين حزب الاتحاد الديمقراطيّ الكرديPYD وتنظيم "دولة الإسلام في العراق والشام." تحرك الإعلام
الغربي بضغط من الحكومات الاوربية، إلى تقديم الحزب على أنه قوى تحرريّة برغم كل ما يمارسه من انتهاكاتٍ صارخةً بحقّ السوريين من مختلف الإثنيات.
قبل
ذلك كان الحزب، وهو "الواجهة" السوريّة لحزب العمال الكرديّ التركي PKK، قد
اكتسب قوته من خلال انتظامه في معركة النظام السوريّ ضدَّ الشعب الثائر للمطالبة
بالحرية والمشاركة السياسية؛ مستفيداً من دعمٍ إيرانيٍّ غير محدودٍ هدف بدايةً إلى
إثارة مكونات الشعب السوريّ ضد بعضها؛ ومع تطور الصراع هدف إلى خلق مشكلاتٍ
إقليمية اعتقد، وحليفه القابع في دمشق، بأنه سيجبر الولايات المتحدة على قبولهما
طرفين في الحل السياسي( ).
وقد دفع الأكراد والعرب، وبقية المكونات، ثمناً باهظاً لهذه
السياسات، وعلى المستويات كلّها، وهو ما بلغ ذروته حين أقدم النظام على الاستفادة
من الانقسامات التي طالما غذّاها في مواجهة سكان المدن والقرى والبلدات الذين
شاركوا في الثورة. واعتمد النظام في هذه المناطق السياسات ذاتها التي اتبعها في
مختلف أنحاء سوريا (أي التعبئة الطائفيّة و\أو الإثنية و\أو الجهوية) بهدف شقِّ
صفوف الحركة الوطنيّة العربيّة والكردية، فعمد إلى خطف "مجتمعات" على أي
من الأسس سابقة الذكر، مثلما عمد إلى السيطرة على التجمعات الكردية عبر حزب
الاتحاد الديمقراطي، واستخدامها كرهينةٍ لإجبارها على التماهي مع سياساته في قمع
الثورة الشعبيّة؛ وهو ما اعتمدته سلطة الأسد في مناطق مختلفة من سوريا (حمص،
السويداء، وادي النصارى، مخيم اليرموك،...)، حيث نجحت في بعضها وفشلت في بعضها
الآخر.
وفي إطار هذه "الإستراتيجية" كانت سياسة الترحيل
والتهجير محوراً رئيساً لخدمة هدف سحق الحراك المدنيّ وإعادة الشعب السوريّ إلى
حالة الخنوع. واعتمد وكلاء سلطة الأسد –مثله- سياسة الترحيل والتهجير، في المناطق
المختلطة إثنياً، دينياً، مذهبياً، جهوياً، كأهمِّ أدواتها في هذه المواجهة لتنفيذ
سياساتها وتحت مسمّيات شتى. ومن الأهداف غير المعلنة لهذه الإستراتيجية حرف الصراع
الدائر عن وقائعه الرئيسة بما هو صراع من أجل الحرية وفي مواجهة الاستبداد.
وشكل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، بحكم علاقاته القديمة
والمتجددة مع النظام السوريّ، مخلب قطٍّ لتنفيذ سياسته هذه، وتمّ له ذلك عبر
تفويضه -من قبل النظام السوريّ- ومنحه سلطاتٍ أمنيّة، وعسكريّة وإدارية، تمكّنه من
السيطرة وقمع واحتواء أي تحركاتٍ جماهيريّةٍ عربيّة أو كرديّة، وبكلّ الوسائل
المتاحة. وتشبه هذه السياسات إلى حدودٍ كبيرةٍ الوسائلَ التي استخدمها النظام في
أنحاء مختلفةٍ من سورية لقمع الثورة. وقد جرى كلّ ذلك بعيداً عن أي شكلٍ من أشكال
الرقابة القانونيّة أو الإدارية أو السياسيّة، ذلك أن "pyd" ليس سوى ميليشيا مسلحة في نهاية المطاف، تعتقد سلطة الأسد بأنها
تستطيع في أي لحظةٍ تحميلها كامل المسؤولية عن الانتهاكات والجرائم المرتكبة
وإعفاء نفسها من مسؤوليتها.
يبقى الإشارة إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطيّ (pyd) من الجهات المؤسسة
لهيئة التنسيق الوطنيّة التي تقدم نفسها على أنها من أطياف المعارضة، وذلك بحسب البيان التأسيسي في 15-12-2011 .
