كيف خرج اوباما من هروبه الأزلي من التدخل في سورية لحماية المدنيين وايقاف جرائم الجيش الطائفي السوري؟وكيف تراجع عن الفيتو الذي فرضته اسرائيل عبره على تسليح الجيش الحر؟إن حالة الحشد الغربية في ملاحقة تنظيم
هلامي شاذ بلا انتماء يلعب دوراً كبيراً في هذه الأيام، أو يتم تصويره كذلك من قبل واضعي الاستراتيجيات الكبرى في "الشرق الأوسط"،لا يمكن فهمها .هذا التداعي
يقرؤه أنصار تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي اشتهر باسم "داعش"
على أنه "انتصار بالرعب" يقذفه الله في نفوس أعداء الله! وكلما زاد
الغرب في هذه المبالغات زادت تلك النغمة من حماس شبابه الجهلة الأغرار؛لكن بعيداً عن
أمانيّ هؤلاء؛ فإن التدقيق في المشهد لا يقود إلى الاعتقاد بأن هذا التنظيم هو
المقصود بالحملة الغربية التي فاقت كل ما سبقها من حروب على هذه المنطقة ؛ فالحقائق المجردة تقول إن هذا
التنظيم أُفسح له المجال ليتحرك بأسلحة ثقيلة من وسط العراق إلى شرق وشمال سوريا
دون أن تعترضه طائرة واحدة في المنطقة المطوقة بقواعد عسكرية أمريكية، وقوات
إقليمية كبيرة في حالة استنفار.. والحقائق تقول إن التنظيم أُفسح له الطريق للاستيلاء
على منابع ومصافٍ نفطية ومواقع استراتيجية دون مقاومة وبدون أية معارك أواشتباكات والحقائق تقول إن التنظيم قفز إلى أعلى سلم
"التمكين" بإعلان "الخلافة" فيما هو عاجز عن تقديم قيادته و "علمائه" لـ"الأمة" لتتعرف على
حقيقتها، و"علمها" ورؤيتها.. الخ، وما زال جل ما رشح من ذلك خطبة
جمعة يتيمة أمام العشرات من المصلين! والحقائق تقول إن كل تكهنات الغرب لا
تقدم تقديراً واقعياً لتنظيم صغير يعد بالآلاف،عجز حتى الآن عن اكتساب أرضية
جماهيرية أو حاضنة شعبية بين العراقيين أوالسوريين.. والحقائق تقول
إن التنظيم الذي وضعت أمامه ميزانية مفتوحة ليتفوق على كل فصائل المعارضة السورية والعشائر
العراقية أخفق في القتال أمام فصائل صغيرة، وليست جيوش كبيرة،مع استثناء الانسحابات المريبة في العراق وسوريا التي نفذت بأوامر الطائفيين:الأسد والمالكي وهذه المساحة الشاسعة التي قيل إنه يشغلها لا تعد في الاعتبار العسكري غير فقاعة يسهل تفجيرها بسهولة لاتساع
رقعتها ولهشاشة أمنها الحدودي؛ إذلا يستطيع تنظيم مثا داعش المحافظة على رقعة بمساحة بريطانيا ـ كما يزعمون ـ من دون جيش يضم مئات الآلاف بشكل حاميات للمدن والبلدات الكثيرة
والكبيرة التي تدخل ضمن حدودها!
الأهم من
التقديرات العسكرية التي لا تتناسب مع ما يشاع عنه من ضخامة وقوة على غير
الحقيقة، هو أن هذاالحشد الذي تغذى على بعض مقاطع وصور
وأخبار لعمليات ذبح تليفزيونية محدودة، وعمليات تهجير صغيرة، وبعض الممارسات غير
المقبولة عالمياً، وإعلان دولة بطريقة دراماتيكية، يتحدث عن فاتورة باهظة للقضاء
عليه وسقف زمني مفتوح لسنوات، على نحو لم تتحدث عنه
الأبواق الغربية يوماً إلا في سياق "الاحتلالات" وإعادة رسم الخرائط،
وتغيير موازين القوى على الأرض، ووأد مشاريع كبرى مناوئة، واستنزاف ثروات هائلة؛
فهل كل هذا يتم من أجل رأس البغدادي الذي لا يعرفه أحد؟!