المؤامرة الأسدية
الإيرانية الأميركية الإسرائيلية:إلى أين تقود سورية والمنطقة؟
بدأت "سلمية ...سلمية
" وبقي النظام المجرم في دمشق يتمنى لو يحمل المتظاهرون سكينا يدافعون بها عن
أنفسهم في مواجهة الرصاص الذي يطلقه عليهم ستة أشهر كاملة وبعدها تمت عسكرة الثورة.لا
زلنا نتذكر كيف أنه في تلك الفترة كثرت تحركات الدبلوماسيين الاجانب وتنقلهم بين
مختلف المناطق السورية ، حيث شاهدوا اعداد المتظاهرين الضخمة ، وتلمسوا وطنيتهم وثقافتهم وحماستهم للتحرر من الاستبداد والدكتاتورية. هذه النخبة المثقفة المتنورة التي قادت الحراك
السلمي أوجدت الحاضنة الشعبية التي لا زالت تحمي الثورة حتى اليوم وهي التي أثارت رعب الغرب
والشرق معا.
في ذلك الوقت رأى عدد كبير من السياسيين والمثقفين
السوريين ان تلك الزيارات تهدف لايجاد قناعة لدى تلك الدول لتغيير النظام ومساعدة
الشعب السوري على تحقيق اهدافه ، ولكن الهدف الحقيقي كان غير ذلك تماما :كانت الدول
الكبرى تحاول وضع الخطط لايقاف زحف الشعب السوري باتجاه الحرية والمدنية وهكذا فإن تلك الزيارات غيرت الخطط والبرامج
المتعلقة بسوريا ، والمسألة تجاوزت حدود تغيير النظام وايجاد بديل عنه ، لتبلغ حد
تفتيت المجتمع وتقسيمه الى كانتونات يسهل التحكم بها ، ومعلوم ان الدول الكبرى
لاتؤيد أبدا تطبيق الشعارات التي ترفعها كالحرية والديموقراطية وحقوق الانسان في
الشرق الاوسط عامة وفي الدول العريبة خاصة عندما تلامس حدود اسرائيل ، إنها بالعكس
تعمل دائما على خلق عدو وهمي افتراضي لها ، تحاربه في العلن ، وتستخدمه لحماية
مصالحها وتنفيذ برامجها في السر ، وهذا العدو يستغل الاختلاف والتنوع في التركيبة
الاجتماعية والثقافية ، لينتج بيئة اجتماعية معادية لشعارات الديموقراطية وحقوق
الانسان والعدالة الاجتماعية ، وهذا مايفسر التباين والاختلاف بين السياسة
الخارجية والداخلية للنظام السوري على مدار عقود من الزمن ، حيث تظاهر النظام بانه
مقاوم وممانع لتلك الدول ، ولكنه في حقيقة الامر اكبر حليف لهم ، وسر حمايته ودعمه
وعدم التفريط به ، هو قوته الامنية الكبيرة التي تجعله من اكثر الانظمة عدوانية
وشراسة تجاه شعبه ، وايضا نجاحه طيلة فترة حكمه بادارة الفساد والافساد المنظم والموجه
، ونجاحه في خنق الحريات وفرض العبودية ، ومن هذا المنطلق تجد الدول الكبرى صعوبة
كبيرة في ايجاد البديل المطلوب بهذه المواصفات ، علما ان المعارضة الحالية قادرة
على حفظ مصالحهم الى حد بعيد ، الا انها عاجزة تماما عن اعطاء الضمانات الكافية
التي تكفل ابقاء المجتمع السوري بعيدا عن المدنية والديموقراطية بعد رحيل النظام
الحالي .
ولأن الثورة السورية استمرت رغم كل شيء ، وفرضت
حتمية تغيير النظام السوري ، لجأت تلك الدول الى سيناريوهات متعددة ، ابرزها اطالة
امد الصراع لاطول فترة ممكنة ، حتى يتم افراغ المجتمع السوري من قواه الوطنية
والمدنية والشبابية سواء بالتصفية الجسدية او الاعتقال او التهجير الفسري ، والعمل
على خلق بيئة مناسبة لسيطرة الارهابيين والمتطرفين اللذين يدافعون عن شعارات وقيم
جاهلية متخلفة لا علاقة لها بالحضارة أو بالإسلام، وينشرون ثقافة الغزو والغنائم والسبايا، لتتوسع دائرة المافيا و اللصوصية
وتجارة الممنوعات ، ولتكون الحرب الاهلية حاضرة بين مختلف مكونات الشعب السوري .
إن جوهر المشكلة السورية يكمن في عظمة هذا الشعب
وامتلاكه الهائل للخبرات والقدرات العلمية والكفاءات ما يكفي لجعل سوريا دولة
مدنية وديموقراطية وتشاركية في زمن قياسي لو اتيحت له الفرصة ، وهذا ما لاتريده
معظم الدول البعيدة والقريبة من سوريا .
بدل أن يسقط النظام
في بضعة أشهر أمام هذه الثورة العظيمة تم عسكرتها وتعالت الأصوات بعد ذلك لتجعل
منها حربا أهلية واستبدت العقلية الطائفية بالجميع ولم تعد سورية أرض الحضارات
وارض الرسالات بل أصبحت أرض الصراعات ومن أقصى إقليم غرب الصين المسلم إلى الأقاليم المسلمة في جنوب روسيا ومن البلاد
العربية في شمال الصحراء الكبرى إلى اوروبا
الغربية يتناحر الجميع على الأرض السورية وينزف الشعب السوري وتتهدم المدن والبلدات
ويهجر الشعب أو ينزح داخل حدوده والمتآمرون يستمتعون بالفرجة.