الجمعة، 3 أكتوبر 2014

مصيدة الذباب

       عند الحديث عن سورية كان خيار أوباما حيال ما يرتكبه المجرم بشار الأسد ضد الشعب السوري هو”مصيدة الذباب” أي أن تتحول سورية إلى أرض معارك مغلقة:لا تدخل دولي في ما يحدث فيها،لا منتصر ولا مهزوم , ورفع درجة الوحشية  بين المتقاتلين على أرضها بحيث تصبح مصيدة للجهاديين الذين لم  تستطع الولايات المتحدة القضاء عليهم.وقد حصل ما انتظره أوباما  بتبني  كثيرين من الثوار للفكر الديني المتصلب والمتشدد وتمت عسكرة الثورة السورية وما لبثت أن اتخذت  طابعاً جهادياً  بعد أن أفسدها المال السياسي الذي صبته بعض الدول الخليجية وعلى رأسها قطروالسعودية، ولذلك بدأت تظهر كتائب سورية معارضة تحمل أسماء الصحابة والأنبياء أوجمل من القرآن والأمر نفسه حدث مع أسماء المعارك والعمليات.بعدها  بدأت الهجرة نحو سورية من قبل المقاتلين الأجانب، الذين ساهم بجلبهم النظام السوري والنظام الإيراني، وأولهم  تنظيم “داعش” الذي تم إثبات علاقة قيادته بالمخابرات السورية منذ 2005، إضافة إلى تنظيم جبهة النصرة الذي قام الأسد بالإفراج عن قادته مع بدء الانتفاضة السورية في آذار2011، أما الدور العدواني والاستفزازي الذي لعبه تدخل حزب الله اللبناني والعصابات العراقية الشيعية في قتل الشعب السوري، واحتلال مناطق سورية بأكملها ورفع رايات الحرب الدينية الطائفية عليها علنا فحول المشهد إلى مذبحة طائفية .وبانتقال تنظيم الدولة الإسلامية في العراق إلى العمل في سورية، وإضافة كلمة “الشام” إلى اسمه، وبعد أن تم تصنيف جبهة النصرة على قائمة الإرهاب الأميركية، إثر المبايعة الغبية من قائدها أبو محمد الجولاني، لزعيم القاعدة أيمن الظواهري، بدأت تتشكل أولى ملامح "مصيدة الذباب" .

        إصرار الولايات المتحدة على عدم التدخل وعلى منع تسليح الجيش السوري الحر، بذريعة الخشية من وقوع تلك الأسلحة في الأيدي الخطأ، رغم وصول الأسلحة ألى دول الجوار والتي مولتها مجموعة أصدقاء الشعب السوري، وبعد الموقف الاستثنائي للرئيس أوباما الذي وضع خطوطاً حمراء لبشار الأسد، ولم يكترث بتجاوزه لها، وعلى رأسها استخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين في صيف 2013، دون أيّ عقوبات من المجتمع الدولي، وبعد أن أفشل  الأسد مؤتمر جنيف2 وطالب بدلاً من المفاوضات لتشكيل حكم انتقالي  بإعلان الحرب على الإرهاب، بعد هذا كلّه، حان وقت تشغيل مصيدة الذباب.

      ما تواجه الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط هو نتيجة لارتكاب الأخطاء الكبرى، ثم معالجة تلك الأخطاء بأخطاء أكبر.هذه الدوامة المستمرة من الأخطاء الفاحشة  بدأت منذ عقود،من الموقف الضعيف للرئيس نيلسون 1918 فيما جرى بعد نهاية الحرب العالمية الأولى مرورا بالنحياز المطلق لإسرائيل وتحويلها إلى دولة نووية والتستر عليها في كل المحافل  انتهاءا بقرار احتلال العراق، وتدمير بنية الدولة العراقية، وإنشاء المحاصصة الطائفية والعرقية في العراق بدلاً عن مفهوم المواطنة، ومن ثم تسليم العراق كاملاً إلى إيران الصفوية، وإقصاء العرب السنة العراقيين، والتنكيل بهم، في السجون في أبي غريب وغيره، وخارج السجون على يد حكومة المالكي التي لم تبق أسلوباً للشحن الطائفي إلا ومارسته،أما في سورية فكان الخطأ الأميركي، ليس فقط بالامتناع عن التدخل ضد الأسد، ولكن بالعمل على منع تطوّر المعارضة السورية، وإحكام الخناق على الشعب السوري من كل جانب،ومنع المعارضة من إسقاط هذا النظام .هل سيتقدم اوباما في سورية دون ارتكاب المزيد من الأخطاء : هذه المرة سيكون الخطأ الأميركي أخطر من كل ما سبقه بسبب اتساع التحالف الذي سعى أوباما لتشكيله وشرعنته، لا سيما وأن المنطقة السنية الخاضعة لنفوذ داعش تمتد من شمال غرب سورية في إدلب وحلب حتى دير الزور والموصل  في الجنوب الشرقي، ولا بد من منع تشكل فراغ للسلطة فيه بعد دحر داعش.كما إن التقدم الكبير لقوات المعارضة في المحور من القنيطرة إلى درعا وريف دمشق الجنوبي، يتزامن مع تكامل الاستعدادات العسكرية  في الأردن التي أسستها أميركا وأشرفت على كل شيء فيها  وحظرت على دول الخليج التعامل معها .

      هل سيتوصل اوباما  إلى قناعة تفضي بضرورة محاربة كل المقاتلين الأجانب وليس فقط داعش بل ضد حزب الله والحرس الثوري وغيره؟ وهل سيقتنع أخيرا أن بقاء الأسد أخطر من ذهابه، أم أن المرحلة القادمة هي زيادة شدة القتال لاستجلاب المزيد من الذباب؟

الأنثى

   ا لحبُّ عند "آرثر شوبِّنهاور - نفى شوبنهاور عن إناث البشر أي سحر جسدي حقيقي ، وأضاف أننا نخطئ حين نطلق لفظ "الجنس اللطيف" ...