في الأيام الأخيرة للحرب العالمية
الثانية، وسط ركام أوروبا الذي يتصاعد منه الدخان، التفت بعض الناجين إلى مهمة
توثيق ما حصل، واتجهوا لحفظ ما دعاه "إسحاق شنيرسون"، وهو حاخام وصناعي
فرنسي "مواد الحقيقة": المراسلات الشخصية والتاريخ الشفوي الذي تم جمعه
من قبل اللجان ومراكز التوثيق المشكلة حديثاً.بنى "شنيرسون" أرشيفاً في
باريس، مليئاً بالأدلة التي استخدمها المدعون العامون الفرنسيون في محاكمات
نورمبرغ في أمستردام، استخدم المسؤولون الصحف والراديو، طالبين من العامة
التبرع بمذكراتهم، ورسائلهم، وألبومات صورهم لتسجيل كيف كانت الحياة تحت الاحتلال
الألماني.حفظت تلك المصادر في المؤسسة الحكومية لتوثيق الحرب، والتي تعرف
اليوم بـ(NIOD) مؤسسة دراسات الحرب والمحرقة والإبادة الجماعية.كانت الفكرة هي أن بإمكان الباحثين
الهولنديين سبر أغوار هذه المواد الأرشيفية لكتابة تاريخ الحرب، ولكن مسائل
العدالة والعقاب كانت أيضاً على المحك.
وسلطت مجلة "" فورين
بوليسي "الأمريكية على محاولة لتجربة مماثلة اليوم تتعلق بما جرى في سورية من
جرائم وانتهاكات.
ذاكرة الحرب في سورية: بحسب تقرير المجلة الذي نشرته أمس الخميس، فإنه مثل كل مكان في
أوروبا، ساعد الشركاء المحليون في هولندا على ارتكاب الجرائم النازية.استخدمت عشرات الآلاف من المواد
الأرشيفية من قبل المدعين العامين في عامي 1945 و1946، وأدت المؤسسة لتشكيل
الذاكرة الجماعية عن الحرب وعواقبها، من معاملة المجتمع الهولندي لليهود، إلى
التطهير السياسي للمتعاطفين مع النازية.اليوم يحاول "أوغور أوميت
أونغور"، المؤرخ في جامعة أوتريخت، القيام بذات الأمر بالنسبة للحرب في
سوريا، مع دعم من المؤسسة الهولندية.هدف " مشروع تاريخ سورية الشفوي
" الذي أسسه "أونغور" بداية هذا العام، هو جمع أكبر قدر ممكن من
الشهادات، لصالح الذاكرة التاريخية.كما يمكن الاستفادة منها في
الملاحقات القضائية: ففي هولندا، كما في ألمانيا والسويد وفرنسا، تمنح السلطة
القضائية العالمية المحاكم الوطنية القدرة على اتهام أياً كان بجرائم الحرب ضد
الإنسانية.
منقول