منقول عن موقع levant :
استئانفت محكمة كوبلنز جلساتها في محاكمة ضابط المخابرات السوري أنور رسلان وإياد الغريب وتم الاستماع الى شاهد شارك بدفن آلاف الجثث في نجها والقطيفة. وافقت المحكمة لأول مرة على استجواب الشاهد محمي الهوية بالكامل بحسب ما ذكرت صحيفة "ليفانت" التي تنقل الأحداث من قلب المحكمة، كان عاملاً مدنياً في مجال دفن الموتى قبل بداية الثورة السورية وفي الشهر العاشر تقريباً من عام 2011، أُرسل لهم اثنان من الضباط، الذين جمعوا عدداً من العمال المدنيين قرابة العشرة أشخاص، وعينوا الشاهد مشرفاً عليهم وأصبحوا يجبرونهم على الذهاب معهم إلى المشافي العسكرية، وهناك يجدون شاحنة تبريد كبيرة اواثنتين بانتظارهم، يقومون بعدها بمرافقة هذه الشاحنات إلى أماكن معينة ودفن الجثث الموجودة فيها ضمن مقابر جماعية.أخبر الشاهد الذي أطلق عليه رمز (Z 30.07.2019)، أنه عَمِل مع هؤلاء الضباط منذ عام 2011 وحتى عام 2017 دون السماح لهم بأخذ أي إجازة خلال تلك السنوات، وأن كل عملية دفن كانت تبدأ قرابة الساعة الرابعة فجرا وتنتهي قرابة الساعة التاسعة صباحاً.لم يكتفِ الشاهد بالحديث عن المشافي العسكرية بل تحدث أيضاً عن المشافي المدنية، وأيضاً عن سجن صيدنايا. وقال إن عدد الجثث في كل شاحنة من 500 إلى 700 جثة، الأمر الذي كانوا يعرفونه من الضباط عندما يأمرونهم بتسجيل عدد الجثث من كل فرع أمني، ومن ثم إحصاء العدد الكلي.لم يستطِع الشاهد تحديد أي فرع أمني مسؤول عن أكبر عدد من الجثث،وحدد الشاهد المستشفيات التي تم نقل الجثث منها، مستشفيا حرستا وتشرين العسكريين، ومستشفيا المواساة والمجتهد المدنيين. وعن المشافي المدنية قال إن هناك من أخبره من داخل مشفى المجتهد، أنهم لا يقومون فقط باستقبال الجثث من الأفرع، بل يقومون بعمليات القتل داخل المشفى أيضاً.وعن عدد مرات نقل الجثث، قال إن هناك ثلاث أو أربع عمليات دفن خلال الأسبوع الواحد، مرة أو مرتين في كل أسبوع للمشافي العسكرية و مرتين أو ثلاث منهم في الشهر من المشافي المدنية، ومرتين أخريين أسبوعياً لصالح سجن صيدنايا بمقدار سيارتين إلى ثلاث لكل عملية نقل منه. وتحدث الشاهد عن أماكن الدفن والتي حددها بمكانين هما نجها، البعيدة عن دمشق حوالي 15 كم، والتي ذكرها سابقاً شاهد آخر، والقطيفة، التي تُذكر لأول مرة خلال هذه المحاكمة، وتبعد عن دمشق حوالي 35 كم، وهي أراضٍ عسكرية يُمنع المدنيون من دخولها.وأضاف أن جميع الأفرع الأمنية كانت ترسل جثثها إلى هذه الأماكن، عدا فرعين اثنين هما الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد، حيث تدفن الجثث في مطار المزة العسكري تحت مدرج الطيران، وفرع المخابرات الجوية التي تدفن الجثث داخل الفرع نفسه.أما عن حجم المقابر الجماعية في منطقتي نجها والقطيفة، فقال الشاهد إن مساحة الحفرة الواحدة قد تصل ل5000 م² بعمق يصل لستة أمتار. لا يتم إغلاق الحفرة مرة واحدة وإنما على دفعات، حيث يُردم جزء منها بحسب عدد الجثث في الدفعة الواحدة.
وشرح الشاهد أنه أثناء مشاركته في دفن جثث سجن صيدنايا "لم تنبعث منها رائحة لأنها جثث حديثة، أخبرنا الضباط أنهم أُعدموا في اليوم نفسه. غالباً يبدأ الإعدام الساعة 12 ليلاً، ويتم الدفن الساعة 4 صباحاً، ولكنني رأيتُ آثار الحبل الملتف على رقابهم وآثار التعذيب أيضاً، وعموماً كانوا يأتون مكبلي الأيدي مع أرقام ورموز مكتوبة على ملصقات وُضِعت على جبهات وصدور الجثث، وقد حدث ذات مرة أن أحدهم لم يكن ميتاً بعد بل كان يلفظ أنفاسه الأخيرة، فأمر الضابط أن تمر الجرافة فوقه".وتحدث أيضاً عن إخبار العمال له بوجود جثث نساءٍ وأطفالٍ، من الذكور والإناث أيضاً، وعن رفض الضباط السماح لهم بدفن النساء بأماكن مخصصة، وأخبر المحكمة عن رؤيته شخصياً لجثة امرأة مقتولة تحضن رضيعها المذبوح بين يديها، الأمر الذي أدى لانهياره حينها.وعن شكل الجثث القادمة من الأفرع قال الشاهد، أن العمال أخبروه بأن ملامح الوجوه غائبة تقريباً والذي كان برأيهم نتيجة استخدام مواد كيميائية لإذابتها كالأسيد، لاستحالة تآكلها بطريقة طبيعية أو نتيجة تعذيب.وأخبر الشاهد القضاة أيضاً عن عمليات دفن أخرى أُخذوا إليها وكانت سريَّة وخالية من الوثائق والأرقام تبدأ الساعة 12 ليلاً، ويتواجد خلالها ضباط من رتبة عميد وأعلى وعساكر مسلحون.ولدى سؤال القضاة عن فرع الخطيب تحديداً، إن كان يُرسل جثثاً أيضاً، قال الشاهد أن الأفرع الأمنية جميعها أرسلت جثثاً ويبلغ عددها تقريباً خمسة عشر فرعاً أمنياً وأن الخطيب كان من بينها. وقال إن عدد الجثث خلال الأعوام الست التي عمل فيها كبير جدا ويبلغ بتقديره الشخصي مليون إلى مليون ونصف جثة أما حصة فروع مخابرات أمن الدولة فقط :فرع الأربعين والخطيب وإدارة المخابرات العامة بحسب تقديره فقد بلغت من الشهر العاشر 2011 حتى نهاية عام 2012 حوالي 50 ألف جثة، وأن العدد بعد ذلك أصبح سنوياً 25 ألف جثة من فروع أمن الدولة.