الثلاثاء، 11 يوليو 2017

من الخاسر في سورية؟

عن نيويورك تايمز

في البداية، بعد انتفاضة الشعوب العربية، كان الديكتاتور هو الذي هرب بالطائرة، كما فعل زين العابدين بن علي في مطلع عام 2011.  
أما الآن، فقد انقلبت الآية: فالشعب هو من غادر بحراً وبراً كما حدث في سوريا.
يثير هذا التحول بين الحاكم والشعب سؤالاً جوهرياً، لكنه بسيطاً ومأساوياً: هل يمكن للمرء أن يطالب بالديمقراطية بعد انتصار بشار الأسد في سوريا، حتى لو تبين أن هذا النصر مؤقتاً، كما يتنبأ البعض؟ ماذا يعني هذا الأمر لشعوب الشرق الأوسط؟
بالنسبة للكثيرين، الدرس الأول الذي يمكن استخلاصه من القضية السورية واضح: لا يمكن للمرء دائماً الانتصار بالثورة، أو على الأقل ليس بالسرعة المرجوة. حتى الآن ما يزال بشار الأسد على قيد الحياة، بل وقوي- على حساب ذبح نصف شعبه. والدليل على ذلك لا يمكن للمعارضة الشرسة من المنشقين عن الجيش ونسبة كبيرة من المجتمع الدولي الإطاحة بالديكتاتور.
بقتله للكثير من السوريين، قتل الأسد حلم الديمقراطية لكثير من السوريين الآخرين، فضلاً عن الكثير من الناس في أماكن أخرى في العالم العربي. حيث يمكنهم أن يروا أنه غالباً ما ينتهي المطاف بالثوري بالشهادة، أو السجن والتعذيب، أو كلاجئ غير مرغوب فيه. ومن هنا تبثُّ هذه النتائج المزرية الشكّ في نفوس أعتى الثوريّين والديمقراطيين وأكثرهم إيمانًا.
يؤكّد بقاء بشار الأسد في السلطة أنّ ثمن الديمقراطية باهظٌ، لا بل باهظٌ جداً. ومن النتائج الأخرى لبقاء بشار الأسد السياسي فكرة أن الثورة تفتح شهيّة دول العالم على الافتراس. فلا تزال النخب السياسية في العالم العربي ما بعد الاستعمارية، سواء كانت محافظة أو يسارية، حساسة من الدعم الأجنبي الذي يؤيد المطالب المحلية بالديمقراطية: فتذكّر سنوات الانتداب يكفي وحده لبثّ الشكوك حول النيّات الغربيّة.
تلقي المسألة السورية – الخاضعة للتحالفات مع إيران أو روسيا ضد السعودية أو قطر أو الولايات المتحدة – بوزنها على أن أي طلب للديمقراطية يترجم في نهاية المطاف إلى حالة من الفوضى، وتدعو الفوضى إلى عودة الاستعمار.
ومن الغريب أن النخب التي ترفض التدخل من الغرب تغض الطرف عن حقيقة واضحة: التهديد بالتدخل من أماكن أخرى. هذه هفوة يرتكبها المثقّفون في العالم العربيّ حين يفكّرون أنّ الاستعمار من نوع واحد وأنّ الساحة الروسيّة والإيرانيّة برأى منه. . فحين يتدخّل الروس أو الإيرانيّون يتحدّث المثقّفون العرب عنهم “كعون أو مساعد”. فالرئيس فلاديمير بوتين هو مثلهم ضدّ الاستعمار، وهو في خانة المحرّر أو الحليف.
وبالتالي فإن الاستنتاج الثاني الذي يجري استخلاصه من تجربة سوريا: الديمقراطية هي حصان طروادة للاستعمار الغربي الجديد.
وأخيراً، هناك درس آخر، دكتاتور خيرٌ من خليفة وهو ما يصعب اقتلاعه لتجذّره عميقًا لدى الرأي العامّ الشارعيّ العربي. حيث تؤكّد افتتاحيّات الصحف العربيّة ومواقع التواصل الاجتماعيّ أنّ وحشيّة داعش من مسؤوليّة التدخّل الغربيّ الذي فكّك الأنظمة الديكتاتوريّة التي شيّدت سدّاً في وجه التيّارات الأصوليّة.
أقنع بشاّر الأسد الغربيّين والنخب المحليّة والرأي العام أن الديكتاتوريّة سور منيع في وجه الأصوليّات والهمجيّات. وهذه الفكرة التي بدت عملاقة في الحرب السوريّة يعبّر عنها بشكل خافت في مصر واليمن والمغرب وتونس والجزائر.
أما الدرس الثالث، بعد ست سنوات من هرب بن علي من تونس: فكرة أنه إذا أدت الديمقراطية إلى وصول الإسلاموية إلى السلطة، كان من الممكن على الشعوب التمسك بنظام قمعي.
ولكن هل هذا صحيح؟
بالطبع لا. إنّها الديكتاتوريّات القامعة التي تُنتج حلقات مفرغةً تصبّ في مصلحتها آنيًا على الأقلّ، فهذا المنطق تصاعديّ لا محال. فهذه الأنظمة كي تبقى في السلطة تزداد قمعًا فتنتجُ معارضين ينضمّون إلى صفوف الإسلاميّين.
انتصر بشار الأسد، لكن انتصاره وقتي وليس دائماً.
من ناحية أخرى، حين ينتهي وقته سيسقط، و سوف يترك سوريا بلا خيارات. أمّا الربيع العربيّ أو ما تبقّى منه فخياراته صعبة: بين الفوضى والاستقرار، والقمع والمجازر، والديكتاتوريّة والديمقراطيّة.


الأنثى

   ا لحبُّ عند "آرثر شوبِّنهاور - نفى شوبنهاور عن إناث البشر أي سحر جسدي حقيقي ، وأضاف أننا نخطئ حين نطلق لفظ "الجنس اللطيف" ...