كُتب الكثير
وسيُكتب بعد، وستصدر عشرات الأفلام الوثائقية عن مسيرة طفل خجول منزو في عالمه
الخاص، تحول الى حاكم ديكتاتوري مجرم قتل مئات الآلاف من شعبه تمسكاً بالسلطة، الا
ان الفيلم الوثائقي على القناة الفرنسية الثانية في 12-12-2017، حمل رسالة واضحة تماماً لا تخرج عن الاعلان الرسمي لـ «وفاة» النظام الاسدي الذي حكم
سورية لاكثر من أربعين عاماً.بشار الأسد بوصفه «الرئيس الشبح على
رأس بلد مدمر»،
خاصة بعد انتشار المقطع الروسي
المصور من القاعدة العسكرية «حميميم» والذي جرد الاسد تماما من صفته الرئاسية ولو
الصورية .
الوثائقي:بشار الاسد: السلطة او الموت(Bashar Assad: le pouvoir ou la mort) للمخرج الفرنسي كريستوف ويدمان، يستعرض المحطات الاساسية من حياة بشار الطفل «المسحوق» كما وصفه الوثائقي، من شقيقته الكبرى بشرى وأخيه باسل والمراهق والجامعي «المنحني والتافه» ذو الشخصية المنغلقة والفاقدة للثقة بالنفس، ومن ثم الرئيس
الاصلاحي ظاهريا والسائر فعليا على خطى ابيه في الحكم الإرهابي الدكتاتوري ، وصولا
الى تحجيم سلطته تدريجيا منذ اندلاع الثورة السورية وخسارة جيشه ومخابراته لاكثرية
المدن والاراضي السورية او عبر التدخلات العسكرية الخارجية التي سيطرت على البلاد وأنهت
السلطة الرسمية واقعيا. استعان التقرير
بوزراء خارجية فرنسيين سابقين وصحافيين وباحثين في الشأن السوري ومبعوثين رسميين
سابقين من الاليزيه الى قصر المهاجرين، وكذلك ببعض الوزراء والرسميين السوريين
المنشقين عن النظام والمنفيين الى الخارج إضافة لأحد اصدقاء الطفولة للاسد وأحد
مدرسيه الجامعيين في بريطانيا، لينتهي التقرير بمقابلة مباشرة مع وزير الخارجية الفرنسي
جان ايف لودريان يحلل خلالها مستقبل سورية بما في ذلك وضع بشار الاسد الشخصي في
السلطة ونظرة العالم اليه، مستخلصا ان لا أمل يرجى من الاسد الذي امتحنته دول
العالم مرارا.
يختصر الاعلامي الفرنسي لوران
ديلاروس مقدمته للفيلم بالقول «هي حرب بعيدة باتت حربنا جميعا»، مضيفا «هي قصة
لرجل في وجهين، الوجه الاول لبشار الخجول والمطيع الذي ظهر في فرنسا خلال مقابلته
الرئيسين الفرنسيين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، والوجه الثاني لبشار المرعب
الديكتاتوري والبربري الذي ارتكب جرائم حرب وابادات جماعية ضد شعبه منذ سبع
سنوات». طالب الطب الذي لم يكن امامه سوى القبول بمصيره الرئاسي بعد مقتل اخيه،
واجه نظامه أول تحد حقيقي ومفصلي في العام 2005 حتى العام 2008 والتحدي الثاني في العام 2011 مع اشتعال الثورة
السورية الشعبية في وجه النظام. يتناول احد اصدقاء الاسد في الوثائقي تفاصيل
شخصيته اللامبالية حيال كل ما كان يحدث من حوله، يقول حرفيا «عندما يكلمونه عن عدد
الاموات الذين قتلهم هو لا يبالي هو يخلد الى النوم ملء عينيه.
يوثق التقرير عجز قوات النظام
بالكامل عن السيطرة على الثورة، وكيف تمت أسلمة الثورة من قبل نظام الحكم العلوي والتدخل
الايراني الفعال ماليا وعسكريا الذي لم يستطع حسم الامر إلا بعد التدخل الروسي على
أثر امتناع ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما عن توجيه ضربة عسكرية الى النظام بعد
استخدامه الاسلحة الكيماوية، وصولا الى خسارة «داعش» لآخر معاقله في مدينة الرقة.
يقول لودريان في تعليقه على الوثائقي، «في اوائل ايام الثورة لم يتوقع أحد في
العالم (اميركا - فرنسا - روسيا) ان يبقى الاسد متمسكا بالسلطة طيلة هذه الفترة،
اعتقدناه انه سوف يتخلى عنها منذ الاشهر الاولى.
سيذكر التاريخ بشار الاسد على
انه الرجل الذي دمر سورية وشرد شعبها , لم يعش اي سوري على هذه الارض وفي دمشق تحديدا
(اقدم مدينة في العالم)، كما عاش من عاصر حكم بشار الاسد. حكم لن تندمل ندبات حروبه
وبطشه من ذاكرة السوريين، يصر لو دريان على ان «السوريين هم من عليهم تقرير مصيرهم
بيدهم في انتخابات عامة تحت اشراف دولي، والشروع الى مصالحة وطنية تمنع التقاتل
الدموي من جديد»، ويضيف أنه من المؤكد ان لا مكان للاسد في مستقبل سورية ولكن الى
حينه «فانه موجود، انه بربري ولكنه موجود»، كلام لودريان كان سبق ان أكده الرئيس
الفرنسي ايمانويل ماكرون في مقابلة له في التاسع من كانون الاول على القناة
الفرنسية الثانية، قائلا «علينا التباحث مع الأسد الذي يطالب العديد من المعارضين
السوريين بتنحيه»، مشددا على أن هذا لن يعفي الرئيس السوري المتهم بارتكاب تجاوزات
عدة «من أن يحاسب على جرائمه أمام شعبه وأمام القضاء الدولي.