الثلاثاء، 19 فبراير 2013

الصراع على سورية:المحافظة 35 في إيران أم الدولة العلوية؟


من يتأمل خريطة الشرق الأوسط وموقع سوريا فيها كقوة وسط مسيطرة  في منطقة حساسة بين الشرق والغرب، يتذكر بسرعة عبارة نابليون بونابرت: "إن سياسة الدولة تكمن في جغرافيتها". يتوجّب أن ينطبق هذا ملياً على صياغة سياسات سوريا المحاذية لتركيا الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي، والمواجهة لإسرائيل، والجارة لأردن الهاشميين وللبنان المسيحي الطائفي والمتاخمة للعراق وجواره النفطي والخليجي العربي والإيراني.
بلدٌ كهذا عتيق يضجّ بالتاريخ والحضارات والجيوبوليتيك الحيوي والمتطور، يصعب جعله لاعباً ثانوياً وفيه حلم امبراطوري دفين من الأمويّين إلى البعثيين ولو أنّ البعض يحاول إضعافه وتحجيمه عبر إنكار تنوّعه الإثني والديني، إنه قلب العروبة ولكنه مع ذلك يضم 22 طائفة وهو مهد كل الديانات السماوية منذ بداياتها.
في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، ارتبطت مقولة "الصراع على سوريا" بالدور المتعاظم للجيش السوري في الحياة السياسية وبتواتر الانقلابات العسكرية التي حركتها النزعات الداخلية والمطامع الخارجية في السيطرة على هذا البلد من دون الأخذ في الاعتبار مصالح شعبه وطموحاته. لقد ارتبطت نجاحات الحكم البعثي في مرحلة الأسد الأب والابن بضمان الابتعاد عن الحرب مع إسرائيل عبر تفجير حروب لبنان ومحاربة القرار الفلسطيني المستقل، وكذلك من خلال حبك شبكة توازنات بين الصديق السوفياتي والغرب الأميركي خصوصاً، وكذلك بين الحلف الاستراتيجي مع إيران من جهة والعلاقة المتينة مع المملكة العربية السعودية من الجهة الأخرى.بيد أنّ الحكم السوري الحالي الذي استمر على النهج نفسه مع اسرائيل في جبهة الجولان، اندمج في المحور الإيراني من دون مراعاة عمقه العربي
عشية الذكرى الثانية للحراك الثوري السوري، يستمر الإمعان في العنف والتدمير من نظام يتغول على شعبه بتفاعل مع شركائه، وبتواطؤ خفي ممّن يدعون أنهم أعدائه. وتتكشف أوراق اللاعبين :إيران لم تتردد على لسان أحد مسؤوليها في اعتبار سوريا بمثابة المحافظة الـ35و تلوّح بإرسال جيش من 60 ألف شخص للقتال فيها لأنّ "سقوط دمشق يعني سقوط طهران".
أمّا مع تركيا فالحال ليس بأفضل، إذ يستنتج من يراقب ما يجري على الحدود التركية ـ السورية والمعارك في رأس العين إلى الشدادة وغيرها، سيطرة الهاجس الكردي على صانع السياسة التركية المندفع في لعبة إعادة رسم للمعادلات من خلال لعب ورقة التركمان مثلاً وتضخيم حجمهم الديموغرافي إضعافاً، أو من خلال عدم المساعدة الفعلية في دعم الجيش الحر والقوى الديموقراطية والمدنية أمام التغلغل الآتي من وراء الحدود لمجموعات متشددة.
وكان سونر چاغاپتاي مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن وباراغ خانا الباحث في مؤسسة أميركا الجديدة، قد تساءلا في مقالة لهما في مجلة ذي اتلنتيك (تشرين الثاني 2012) بما فحواه: "لماذا يمثل تقسيم سوريا فرصة تاريخية بالنسبة إلى تركيا؟". ومن يرجع لتاريخ ما قبل انهيار السلطنة العمانية وما بعده، يتراوح تقييمه للدور التركي بين خضوعه لوزن الأطماع التاريخية (إقليم الاسكندرون) ومنطق المصالح المشروعة.
لكن احتمال اقتطاع أجزاء من سوريا او العودة لنغمة الولاية، سيستحيل تطبيقهما لأنّ تفتت سوريا سيكون بداية تفتت النسيج المعقد في كل المنطقة ولأنه في ضوء كل الأسباب المقنعة التي ربما تبرر دعم كيان كردي مستقل في سوريا، توجد عقبة رئيسية تقف أمام تركيا وتتمثل في سكانها الأكراد الذين ظلوا لأمد طويل يثيرون مسألة استقلالهم.
أما بالنسبة إلى إيران، فقد سقطت الأقنعة وبانت جلياً تبعية النظام السوري لها، وقد اعتبر رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب بأن الحاكم الفعلي في سوريا هو اللواء قاسم سليماني قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني.
تعتقد الأوساط الأوروبية أنّ طهران الذاهبة إلى التفاوض حول ملفها النووي آخر هذا الشهر والتي طرحت بسخرية وضع ملفّي البحرين وسوريا على الطاولة، لا تتردد في المزايدة ورفع وتيرة التوتر قبل التفاوض. ومن هنا أتى الهجوم الإسرائيلي في جوار دمشق أواخر كانون الثاني ليسهم بخلط الأوراق عشية المفاوضات. وهكذا تتحول سوريا حتى إشعار آخر إلى ساحة لعبة أمم في اشتباك إقليمي أوسع.
واليوم على ضوء العجز العربي والإسلامي (وكلاهما كانا بلا قيمة منذ الأزل) وفي ظل الاستنزاف بين الغرب المتراجع وروسيا المصممة على الاحتفاظ ببوابتها السورية وإصرارها على العودة لمقعدها الذي طردت منه منذ 20 عاما، تحتدم اللعبة بين مشروع إيراني يعتمد على القوة الفظة للحفاظ على نفوذ إقليمي، وبين مشروع تركي طموح يعتمد على القوة الناعمة، وفي خلفية المشهد توجد إسرائيل ولعبة مصالحها.
يصعب إذن تصور النتيجة الختامية للصراع حول سوريا التي لن تذوب لا في إيران ولا في تركيا، ومع أنّ خيار التقسيم يبقى انتحارياً، لكن الأمر الواقع من اهتراء ومناطق نفوذ في المدى القريب سيمدد المأساة بانتظار الحسم الإقليمي يوما وعند استنفاد النزاع السوري لوظيفته الجيوسياسية كنقطة تقاطع لصراعات الآخرين.
ماذا عن حزب الله في سورية؟
لم يعد ورود خبر عن سقوط قتلى لبنانيين تابعين لحزب الله امرا مستهجنا، لقد انتقل حزب اللات من نفي المشاركة عسكريا في دعم النظام السوري، الى ترويج غير مباشر لقيامه بدورحماية المقامات الدينية الشيعية في سورية، وانه يقوم بمهمة دفاعية عن بعض القرى ذات الغالبية السكانية الشيعية داخل الاراضي السورية تلك القريبة من الحدود اللبنانية الشرقية- الشمالية. واذا اقتضى الحال تبرير بعض المواجهات، فثمة عنوان كبير جاهز ايضا هو حماية خط امداد المقاومة الذي توفر الاراضي السورية ممرا وقاعدة له.
كانت اعلنت وكالة الصحافة الفرنسية امس عن قتل ثلاثة لبنانيين من الطائفة الشيعية وجرح 14 آخرون في معارك في سوريا، كانوا "في مواجهة للدفاع عن النفس". بعد ساعات من إعلان الجيش الحر عن قتل 24 من مقاتلي حزب اللات إثر هجومهم على قرى سورية لاحتلالها وبعد اتهام المجلس الوطني السوري لحزب الله بـ"التدخل عسكريا" و"شن هجوم مسلح" في منطقة القصير وقال المجلس ان عناصر من حزب الله قامت "بهجوم مسلح على قرى أبو حوري والبرهانية وسقرجة السورية في منطقة القصير بمحافظة حمص مما أوقع ضحايا بين المدنيين السوريين".
مسار الاحداث في سورية والتعبئة الثقافية والاعلامية المواكبة له لبنانيا، وفّر لحزب الله تجاوز الكثير من القواعد التي طالما اعتبرها من اسس تكوينه لينخرط في المشهد السوري .التسليم بمقولة حماية بعض القرى الشيعية من الاضطهاد او حماية المقامات الدينية يوحي ان الاضطهاد في سورية لا يطال السنة او المسيحيين او سواهم. او ان المراكز الدينية المستهدفة هي مراكز الشيعة فقط وليست كل المساجد وخاصة السنية. يعكس هذا السلوك انزلاقا فاضحاً في المسارالثقافي الطائفي والمذهبي الذي يتماشى مع التجزئة ومسار نشوء كيانات طائفية.
سياق الاحداث في سورية يعزز الوجهة التي ترى ان الكيان العلوي بات الملاذ الاخير للنظام، وهو كيان لم يعد قيامه في ظل الصراع القائم، محل رفض ، بل يجري تقديمه كملاذ لا بد منه في مواجهة التيارات السنيّة التي تريد اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، وانهاء ما تسميه الحكم العلوي لسورية.
حزب الله دخل في التجربة، بارادته عبر تجربة الحرب المذهبية لحماية المقاومة، تجربة يمكن ان تسمح بانتساب نظام قتل هذا العدد الهائل من ابناء شعبه الى خط المقاومة، ويستعد تحت حجة حماية المقاومة او مواجهة الجماعات الارهابية (بحسب مطلح الممانعة) تبرير قيام الكيان العلوي، وصولا الى القتال حتى اخر سوري في سبيل حماية المقاومة. حزب الله الذي يحيل ما يجري الى المؤامرة على الممانعة والمقاومة، يدرك ان الذود عن الاسد واستبساله في الدفاع عن سلطته، سوف يؤدي مع تضعضع سلطة الاخير، الى مخاطر تعرض مناطق انتشاره الى الاختناق، بسبب انحسار خط الامداد الاستراتيجي الذي يوفر الحماية والحياة لسلاحه. وكما ان سورية هي عمق استراتيجي لايران، كما وصف الشيخ مهدي طائب الذي يترأس مقر «عمّار الاستراتيجي» لمكافحة الحرب الناعمة في تصريحات أدلى بها يوم الخميس، مسميا سورية بالمحافظة الإيرانية رقم 35 ومنحها أهمية استراتيجية قصوى بين المحافظات الإيرانية، قائلاً: «سوريا هي المحافظة الـ35 وتعد محافظة استراتيجية بالنسبة لنا. فإذا هاجمَنا العدو بغية احتلال سوريا أو خوزستان، الأولى بنا أن نحتفظ بسوريا».
هذا يفسر الاستماتة الايرانية في الدفاع عن نظام بشار الاسد، كما يرجح الرهان على الطائفة العلوية، لمحاولة فرض واقع قائم على توازن قوى طائفية في سورية، يتيح لايران المحافظة على وجودها الفاعل عبر الطائفة العلوية، ويؤمن لحزب الله فرص استمرار خط الامداد الاستراتيجي ولو بشروط اصعب من السابق. هذاالكيان العلوي لم يعد خيالا بل خيارا متداولا فيما لو استمرت المواجهات. وبعض المراقبين يحيل النشاط العسكري والمواجهات على القوس الشمالي- الشرقي في القرى السورية القريبة من مدينة القصير والتي يشارك فيها حزب الله، بأنها معارك ذات بعد استراتيجي، تتصل بامساك وحماية طريق حمص طرطوس ومنع الجيش الحر من السيطرة عليه، فيما تؤكد بعض المصادر السورية ان الاستراتيجية المسماة دفاعية لدى حزب الله تقتضي سيطرته على حزام امني داخل الاراضي السورية بتنسيق كامل مع كتائب علوية مأمونة الولاء، كخط امداد آمن له من الشرق الى الشمال وصولا الى طرطوس والساحل السوري.

السبت، 16 فبراير 2013

اوباما :ممثل اسرائيل وعدو الثورة السورية

منقول عن الشرق الأوسط اللندنية
من أحبط الانقلاب في سوريا؟!

من قال إن حروب الحضارات والثقافات والمذاهب مستحيلة؟ خاضت أوروبا حربا دينية استمرت مائة عام. وانتهت بانصهار حضاري/ ثقافي بين الكاثوليك والبروتستنت. هذا الانصهار ما لبث أن صنع مع فرعه الأميركي حضارة غير دينية أشرقت على العالم بتقدمها. بخيرها. وشرها. الدين السماوي، بسموه الأخلاقي وفضائله الاجتماعية ليس بشرط كاف لصنع الدول والإمبراطوريات المتعددة المذاهب والأعراق. عجزت إمبراطورية شارلمان المسيحية (الفاتيكانية) في أوروبا. وعجزت الإمبراطورية الإسلامية، عندما سقطت سلطتها العربية، لصالح مماليكها من أجناس أخرى. مع ذلك، تهب على العرب والمسلمين «جهاديات» تحلم بإمبراطورية سلطانية أو خلافة دينية تستذكر الأمجاد. وتكرر المآسي. خسرت روسيا الشيوعية حرب الثقافة السياسية. فغادر الإسلام «الجهادي» الشيعي والسني الإسلام التقليدي والسياسي، ليشعل مواجهة دينية ثقافية/ حضارية، لا لزوم لها، مع الغرب. إيران تعذب نفسها بحرب «جهادية» ثقافية ضد أميركا. وتمكنت بثقافة العداء أن تخترق المشرق العربي. الإسلام السني «الجهادي» انطلق من أفغانستان وباكستان والمشرق (العراق) في مواجهة انتحارية ميدانية ضد مجتمعاته والغرب. وها هو ينطلق من المغرب (تونس. الجزائر. ليبيا) ليدخل في مواجهة مماثلة مع مجتمعاته العربية، والأفريقية حيث الحضور الغربي ما زال ماثلا، بتفوقه. ومصالحه. وثقافته.

ثم انتهز الإسلام السني «الجهادي» تردد أميركا المستنزفة في حروبها في العالمين العربي والإسلامي، ليفتح جبهة جديدة في سوريا. فقد تسللت «جبهة النصرة» المتواصلة مع جهادية «القاعدة» في العراق، إلى سوريا، لتخوض الحرب المذهبية التي أشعلها النظام العلوي، لصالح الإسلام «الجهادي» الشيعي في إيران.
بانفجار الانتفاضات العربية، تغيرت معطيات سياسية كثيرة في المنطقة، ومعها تغيرت ثقافات واعتقادات كثيرة. في مقدمتها، قابلية تخلي سوريا الثورة عن ثقافة العداء لأميركا، بعدما تبين لها أن «ممانعة» النظامين الإيراني والسوري لم تحقق استعادة الجولان أو وقف الاستيطان. ولم تفرض «البحبحة الدعائية» للراحل أحمد الشقيري التي تبناها أحمدي نجاد، دحر إسرائيل من النهر إلى البحر، كما ظنت حماس المحاصرة في غزة.
هذا الاستعداد الشعبي السوري قابلته إدارة باراك أوباما، بارتكاب خطأ استراتيجي كبير. فلم تنتهز الفرصة لممارسة التدخل غير المباشر، بتقديم السلاح للثورة. هذا التردد والإحجام كان لهما أسباب كثيرة بات معظمها معروفا. وأكتفي هنا بذكر الأسباب الخفية والمستترة:
* رغبة الرئيس المثقف في تجنب أخطاء رئيس أهوج أدى تدخله المسلح المباشر في العراق وأفغانستان إلى هزائم وخسائر أميركية كبيرة.
* اشتباك الثورة السورية بعوامل إقليمية كثيرة التعقيد، مع غياب أميركي تحليلي لم تنجح مراكز البحوث الكثيرة في تقديمه.
* دعم إسرائيلي استيطاني لنظام بشار، بعدما أثبت نظام الأسد، أبا وابنا، تفضيل ارتهان الجولان لدى إسرائيل، على تعريض نظامهما إلى خطر الصدام معها.
* وجود تيار سياسي قوي في الطبقة السياسية والإعلامية الأميركية يدعو إلى ترك العرب والمسلمين يستنزفون أنفسهم بأنفسهم، بدلا من الاستمرار في الصدام الحضاري والثقافي معهم، أو التدخل للفصل فيما بينهم.
* في المقابل، هناك تيار عسكري/ سياسي متحمس للتدخل والحسم في سوريا.
حرية التعبير والحوار في الولايات المتحدة كشفت حقائق مذهلة في الأيام الأخيرة، عن قدرة الرئيس أوباما، على إحباط كل الخطط والمساعي للتدخل الأميركي المسلح في سوريا. وباتت سوريا الآن قضية أميركية مفتوحة علنا، أكثر تعقيدا مما هي إقليمية. وأستطيع أن أقول إن الخلاف داخل إدارة أوباما كان أعمق بكثير مما ذكرته الصحافة الأميركية. وأدى إلى استقالة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية، ليس لمجرد رغبتها في التقاعد بعد مرضها، أو لتحضير نفسها لخوض معركة الرئاسة بعد أربع سنوات.
بشيء من التفصيل عن الخلاف حول سوريا، أقول إن القيادة العسكرية والأمنية انحازت إلى جانب هيلاري. لكن الانضباط الديمقراطي أجبرها على الخضوع لرأي وموقف الرئيس الذي يملك السلطة والصلاحية الشرعيتين.
بات معروفا الآن أن الجنرال ديفيد بترايوس مدير المخابرات وضع خطة للتدخل ليس لمجرد التسليح والتدريب، وإنما لما يمكن أن أسميه بانقلاب عسكري وسياسي في سوريا، من شأنه لو حدث، إلحاق هزيمة نكراء بالاستراتيجية الإيرانية/ الروسية الراهنة.
الإعلام العربي لم يبد اهتماما يذكر بنزول خبراء مدنيين وعسكريين أميركيين في تركيا والأردن في الخريف الماضي، في إطار طلائع البنى اللازمة للتغيير في سوريا. وأقول إنها أقامت جسور وصل واتصال، مع قوى الثورة السورية المختلفة. بل مع قادة عسكريين ومدنيين في نظام بشار، أسفرت عن انهيار جزئي في هيكلية حزب البعث الممسك بالإدارة الحكومية. ومقتل وفرار مسؤولين كبار مدنيين وعسكريين.
هيلاري كلينتون أمنت التغطية السياسية لخطة بترايوس الانقلابية. وتولت تقديمها إلى وزير الدفاع ليون بانيتا وجنرالات البنتاغون. وحصلت على تأييد الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة، قبل دفعها إلى الرئيس أوباما في البيت الأبيض.
بعد تردد قصير، حسم أوباما موقفه. رفض خطة التدخل وهو في ذروة انشغاله في معركته الانتخابية. فجأة، وبهدوء تام، سحبت الخطة من التداول. واعتذر الجنرال جيمس ماتيس قائد القيادة المركزية المكلفة بالشأن العسكري في الخليج والمشرق العربي، للقادة العسكريين السوريين اللاجئين إلى تركيا والأردن.

إحباط أوباما لمشروع الانقلاب السوري والتغيير ضد إيران في المشرق العربي اكتمل سياسيا بمناسبة تشكيل إدارة أميركية جديدة بعد الانتخابات. فقد استقالت هيلاري. وصرف بانيتا من الخدمة. وخسر بترايوس مستقبله السياسي إثر انكشاف علاقته مع فتاة لبنانية أميركية. وغابت طلائع البنى العسكرية الانقلابية التي تجمعت في تركيا والأردن.
أستطيع أن أفسر كثيرا من الأحداث الظاهرة والخفية في المنطقة في ضوء الانقلاب على الانقلاب. تم إرضاء تركيا بنصب صواريخ باتريوت لحمايتها من الصواريخ السورية. واستمر مالكي العراق في السماح بمرور جسر الشحن اللوجستي من إيران إلى سوريا.
وفي لبنان، اغتيل الضابط الأمني وسام الحسن الذي كشف التورط السوري في محاولة تفجير موكب بطريرك الموارنة بشارة بطرس الراعي. وذهب البطريرك إلى دمشق لتهنئة بطريرك الأرثوذكس الجديد، ولتهنئة بشار بالسلامة.
في المنطقة، اختفى شباب الانتفاضة الذين تبنتهم هيلاري ومراكز التدريب الأميركية على ممارسة الديمقراطية. وتمت طمأنة الرئيس محمد مرسي في منصبه. فظهر في الصورة مع إيران وتركيا. وتلقى حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية ضربة على فمه ويده من حزبه الذي رفض استقالته. واستغل الإسلاميون المتزمتون «صحوة» أوباما فأطلقوا دعوات التكفير والقتل ضد زعماء المعارضة المصرية، بعد اغتيال الناشط القومي التونسي شكري بلعيد.
هل يلغي تشكيل إدارة أميركية جديدة من حمائم مسالمة، إمكانية التغيير وانقلاب جديد في سوريا؟ ليس بشيء مستبعد. نعم، منح أوباما إيران. وبشار. وحزب الله. و«جبهة النصرة» فرصة جديدة للتصرف بهدوء وحكمة. لكن الاحتمال ما زال قائما. والدليل وضع برنامج تسليح «حزب الله» عبر سوريا، تحت الرقابة الجوية والبرية الإسرائيلية. هل يقبل بشار وإيران بهذه الإهانة الجديدة؟

الجمعة، 15 فبراير 2013

انشقاقات في الفرقة الرابعة:سرايا الدفاع وسرايا الصراع.


الفرقة الرابعة:

ضباط في "الفرقة الرابعة" أصبحوا خارج الحدود والآت أعظم!

شهد الجيش السوري منذ اندلاع الثورة الشعبية العديد من الإنشقاقات داخل بعض كتائبه وألويته، الامر الذي ساهم وساعد الى حد كبير على احراز تقدم واضح للثوار على جميع الجبهات بما فيها العاصمة دمشق. علماً أن الرئيس السوري بشار الاسد القابل للخلع في أي وقت، ومن قبله والده، لطاما تغنّوا بولاء هذا الجيش المطلق لأل الأسد وتحصينه من الاعاصير التي تهب على سوريا بين الحين والاخر.

لكن، ما لم يكن في حسبان الاسد وبعض أركان قيادته قد حدث. فالإنشقاقات داخل الجيش النظامي تعدت 100 ألف بين ضابط وجندي، وهؤلاء كانوا، وبحسب المعلومات، يتوزعون على مناطق حمص ودرعا والرستن وحماه، وعلى اطراف مدينة حلب وريفها. ومع توقع مزيد من الإنشقاقات خلال الأسابيع القادمة، برزت منذ اسبوعين تقريباً مفاجأة تمثلت بانشقاق 10 ضباط، خمسة منهم ينتمون إلى الطائفة، العلوية وثلاثة من من الطائفة السُنية، وضابط درزي، وآخر آشوري، وهم من أصحاب الرتب العالية ينتمون إلى الفرقة الرابعة العاملة تحت إمرة شقيق الرئيس السوري العقيد ماهر الأسد.

الإنشقاق عن الجيش أو الهرب إلى خارج الحدود هو آمر خطير وتلزمه خطة مُحكمة، فكيف إذا عُقدت النوايا على الإنشقاق من الفرقة الرابعة، فعندها ستدفع حياتك ثمناً لمجرد التفكير بهذا الأمر في ما لو تم اكتشاف نواياك أو حتى الشك بها. هكذا يُعبر "جمال اللافي"، النقيب في الفرقة الرابعة، عن الصعوبة التي يلاقيها الضباط والجنود في الهرب من ثكناتهم أو أماكن خدمتهم. وقد التقينا "اللافي" في إحدى المناطق القريبة من بيروت قبل مغادرته لها بيومين، وذلك بعد تمكنه من الهرب من مكان خدمته في ثكنة تقع ضمن منطقة مشروع دمّر القريبة من القصر الجمهوري بالعاصمة دمشق.

بدايةً، يخوض الضابط المنشق حديثه حول المعلومات التي لم يُكشف عنها حتى الساعة وهي تمكّن عشرة ضباط من الفرقة الرابعة من الهروب إلى خارج الحدود السورية رغم عدم كشفه عن المكان الذي توجه اليه هؤلاء الضباط لضرورات تتعلق بأمنهم وبأمن عائلاتهم التي ما زال بعضها موجودا في الداخل السوري. وأكد "اللافي" أن إثنين منهم كانا حتى الامس القريب من المعروفين بولائهما لأل الأسد، وهؤلاء تمكنا من الفرار الى خارج الحدود خلال الاسبوعين المنصرمين، وأن أسماءهم لن يُعلن عنها إلا بعد إجلاء عائلاتهم، ولفت إلى أن "الضباط الفارّين سيكونون محط أنظار العالم كله في الفترة المقبلة، نظراً للدور الذي سيلعبونه على صعيد حسم الاوضاع المتأزمة في سوريا، كما ان هناك إتصالات مكثّفة تجري بينهم وبين جهات خارجية للإستفادة من المعلومات التي يمتلكونها عن الجيش السوري وتحديداً عن الألوية التي يعملون ضمنها، كما سيكون لهم تحركات قريبة في العلن ودور بارز في العمليات العسكرية التي يخوضها الثوار في سوريا".

وإذ رفض الافصاح عن إسم البلد االتي سيلجأ اليها هؤلاء الضباط، علماً انه المح الى انهم سيكونون في مكان امن بعيد عن التكهنات الى أن تتبلور الامور بشكل افضل، إلا أنه شدد على أن "ظهورهم لاحقاً سوف يشكل صدمة كبيرة لعائلة الأسد والمقربين منها. والاسابيع المقبلة سوف تشهد العديد من المفاجآت المتعلقة بالفرقة الرابعة التي يبدو انها ذاهبة نحو الإنفراط بسبب الشحن الطائفي الذي يسود العلاقة بين ضباطها وافرادها الممنوعين من مغادرة ثكناتهم العسكرية خوفاً من التحاقهم بالثوار أو فرارهم خارج البلاد".

أضاف: "رغم ان اكثر من نصف الفرقة من الطائفة العلوية، إلا ان هناك ضباطاً كباراً من المسيحيين والسنّة جرى وضعهم مؤخراً في المناطق التي تشهد معارك قاسية مع الثوار والمنشقين عن الجيش السوري لزرع الكراهية والفتن الطائفية بين أبناء الوطن الواحد"، كاشفاً أن اكثر من 30 ضابطاً وجنديا ينتمون الى الفرقة الرابعة كانوا اعدموا خلال الأشهر الماضية إما بسبب رفضهم تنفيذ الاوامر الصادرة عن ضباط كبار في الفرقة، أو لعدم إفادة قياداتهم بمعلومات تتعلق بإنشقاق العديد من العناصر والضباط في داخل الاحياء التي يسكنون فيها. ويُقال ان الاوامر هذه قد صدرت عن ماهر الأسد شخصياً رغم التكتم الشديد حول صحته".

وجزم اللافي بأن "الخلافات بدأت تتسرب الى داخل عائلة الأسد بسبب الأساليب الإجرامية التي يعتمدها آل الأسد الاسد في معاجة أصغر الأمور، وأن لجوء والدة الأسد إلى إحدى الدول العربية وقبلها شقيقته بشرى هو دليل على تفكك هذه العائلة. وربما قد تسمعون في القريب بمغادرة أسماء الأسد زوجة بشار الى لندن"، لافتاً إلى أن "بشار الأسد يحمّل شقيقه مسؤولية الأحداث التي وصلت اليها سوريا، ذلك إضافة إلى كميات كبيرة من الأموال التي تم نقلها مؤخراً من حسابات خاصة ببعض أركان النظام السوري الى حسابات شخصيات سياسية لبنانية تربطها بالنظام علاقات مميزة وموثوقة. وبعض هذه الاموال يتم تهريبها في سيارات خاصة بشخصيات بارزة تنتمي الى أحزاب لبنانية فاعلة داعمة لنظام الأسد".
وحذر من "إمكانية تعرّض شخصيات سياسية بارزة داخل النظام للإغتيال على أيدي جماعات مرتزقة تعمل لحساب النظام الأسدي بسسب رفضها المطلق لعمليات القتل والتنكيل التي يتعرض لها الشعب"، مبشراً "بنصر قريب للشعب السوري وبفرار جماعي لأركان نظام بشار الأسد غير المعروف ما إذا كان صامداً فعلاً في الطبقة الثانية لـ’قصر الشعب’ في دمشق أم أنه قد انتقل الى مكان أكثر أمناً خوفاً من أن تطاله يد الشعب".

بشار الأسد: كلب العروبة النابح أعلن موت العرب,


*منقول بتصرف
 
ذات يوم ألقى نزار قبّاني السؤال: متى يعلنون وفاة العرب؟ والآن تأتي الإجابة الدامية  من بلادنا ، من الشام فها هي العروبة تدفن في الشام يوميًّا مع كل صرخة طفل تقتله الفرقة الرابعة وكل قذيفة تدك المدن الثائرة وكل فتاة يغتصبها شبيحة الأسد فيما العرب يتفرجون ويتناقشون,بل إن العروبة انتحرت عندما مات اللاجئون السوريون في الزعتري من البرد والجوع فيما ملك الأردن وحكومته يتسولون باسمهم ويحقنون النظام المجرم بالمازوت ويؤمنون الطعام لشبيحة الأسد في المراكز الحدودية.
إن مخيم الزعتري لا يبعد سوى 100 كم عن السعودية المتخمة بالأموال والتي يبلغ دخلها من النفط  فقط 1000 مليون دولار في كل يوم وتركت أبناء شعبنا المسكين للموت جوعا وبردا وغرقا.
تقترب المجزرة من العامين ولا يجد هذا النّزيف السوري المتواصل من يضع له حدًّا أو يوقفه: ”الربيع العربي“ كما سمي في الكواليس الغربية يتبدّى الآن للقاصي والداني وكأنه كابوس دموي بعد أن أظهر قادة العرب من مبارك إلى القذافي إلى أكثرهم إجراما ودموية:بشار الوحش أن لا شيء ممنوع في سبيل المحافظة على الكرسي.
كلفت الثورة الليبية منذ بدايتها إلى موت القذافي مخوزقا إلى ضحايا  الأحداث المؤسفة التي تتالت بعد ذلك حتى يومنا هذا:  30.000 ليبي إضافة إلى 22,000 مفقود.رقم كبير جدا ثمنا للتخلص من الطاغية القذافي وقلنا يومها أن السبب يعود لتدخل الناتو والقصف الجوي العنيف الذي تناول مختلف أرجاء ليبيا لملاحقة كتائبه و مرتزقته. 
يقترب عدد الضحايا في سورية الآن بعد 23 شهرا من الثورة من 90.000 ألفا إضافة إلى 160.000 معتقلا 60.000 مفقود و150.000 جريح و700.000 لاجيء خارج سورية 2.5 مليون لاجئء داخل سورية وبشار وعصابته مع حماته :روسيا وإيران لا يزال أكثر تشبثا بالكرسي من أي وقت مضى وها هو الوضع السوري يكشف على الملأ خواء هذا الأنظمة في ”قلب العروبة النابض“، وربّما الأصحّ تسميته بـ”كلب العروبة النابح“. فطوال عقود طويلة من الزمن العربي الرديء أتخم نظام البعث المجرم المُستبدّ باسم أيديولوجية عروبية مُتوهَّمة أسماع العرب بشعارات دغدغت عواطف المراهقين من أبناء هذه الأمّة المغلوبة على أمرهاوالتعابير الغبية التي اخترعها الأب ومن بعده ابنه كانت مثارا للسخرية لا غير وآخرها "نظام المو مانعة". لقد شكّلت كلّ هذه الشعارات ستارًا على حقيقة هذا النّظام الطائفي، لقد أضحت هذه الشعارات الرنّانة ”كواتم عقول“ على رؤوس أجيال من العرب الواهمين بأمور لا أساس لها في أرض الواقع العربي.
وها هم العرب الآن قد وجدوا أنفسهم في حيرة من أمرهم إزاء النّزيف السوري. فالذين يُطالبون بتدخّل الدّول الغربيّة ومجلس الأمن لوضع حدّ للجرائم التي يرتكبها النّظام، يُعلنون ضمنًا فشل هذه العروبة المتوهّمة، وفشل شعارات الأخوّة العربية. إذ ما الّذي يمنعهم من إرسال جيوشهم هم لوقف هذا النّزيف البشري في الشام؟ أما الّذين يرفضون التّدخُّل الأجنبي، فإنّهم برفضهم يعلنون أنّهم لا يأبهون بكلّ هذه الأعداد من الموت السّوري، وبكلّ هذه الدّماء السورية التي يسفكها سفّاح الشام على مذبح الحفاظ على سلطة طائفية تسلطية إرهابية، بعد أن ورث صناعة كلّ هذا الموت وكلّ هذا الاستبداد  من أبيه فأكثر منه وزاد.
أياد كثيرة تلعب في مسرح الأزمة السورية،. للمصالح شأن في هذه المنطقة الحساسة من العالم، وهذا ليس جديدًا، إذ أنّ تقسيم هذه المنطقة ووضع حدود لدولها، وحتّى تحديد أعلامها الوطنية، بل وتشكيل جامعتها العربية قد تمّ من قبل الدول الاستعمارية لأهداف تخدم مصالح تلك الدول ليس إلاّ.ً كم من اللقاءات، الاجتماعات والمؤتمرات التي انعقدت بهذه الجامعة العربية طوال عقود منذ نشأتها. فما الّذي جاءت به كلّ تلك المؤتمرات غير الكلام. فمنذ إنشائها لم تُقدّم الجامعة العربية شيئًا ذا قيمة للعرب، لا على الصعيد العربي الداخلي، ولا على صعيد العلاقات العربية بسائر العالم. كما إنّها لم تُقدّم شيئًا يُذكر في أيّ مجال من مجالات الحياة، ثقافية كانت أم اجتماعية، أم اقتصادية. إذن، والحال هذه، فما الحاجة إلى جامعة من هذا النّوع؟ إذا كانت مجرّد منتدى لنشر بيانات الاستنكار وما إلى ذلك من ترّهات، فبوسع أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ أن يتواصلوا عبر البريد الإلكتروني والتوقيع على البيان دون أن يُجهدوا أنفسهم للالتقاء في حفلات التنكّر بألبستهم الوطنية، ثم الانكباب لاحقًا على المناسف الوطنية ووجبات الكبسة برز أبو كاس.وهذا الكلام ينطبق أيضا على مؤتمرات القمم الإسلامية الّتي انعقد آخرها في ”أمّ الدنيا“ قبل أيّام. فما الّذي رَشَح منه غيرتسويق ابن الثورة المصرية الرئيس المصري مرسي للمجرم أحمدي نجاد الذي يحاول المستحيل لوأد الثورة في سورية بل وفي مصر أيضا,هل الكلام الّذي قيل يُغيّر من حال العرب والمسلمين قيد أنملة؟!!!
على ما يبدو فإنّ العرب والمسلمين قد خُلقوا شعوبًا وقبائل ليتفارقوا وليس ليتعارفوا، كما نصّ االقران فإذا كانت هذه هي الحال، فحريّ بكلّ هؤلاء أن يعودوا إلى بلادهم وأن يهتموّا بشؤون ثرواتهم قبل رعاياهم، كلّ على حدة. إذ لا يجمع بين هؤلاء شيء سوى الكلام المعسول، والمقفّى.
وعندما سأل نزار قبّاني: متى يعلنون وفاة العرب؟ فها هي الإجابة الدامية تأتي من بلده، من الشام. وها هم العرب يتوفّون ويموتون في الشام يوميًّا. لقد مضى قرابة عامين على موتهم المتواصل وما من معين لهم، وما من مجيب لاستنجادهم بـ“أشقّاءهم“ من مُدّعي العروبة. نعم، كلّ يوم يُعلنون وفاة العرب في شاشات الفضائيّات.
فماذا أقول؟
لا شَـيْءَ يَجْمَعُ بَينَ الشَّـحْمِ وَالنّـارِ       فِي أمُّـةٍ جُـبِلَــتْ مِنْ طِـينِ أَشْـرارِ
الشَّحْمُ مِنْ بَشَرٍ أَنْحَـوْا عَلَـى صَنَـمٍ       يَسْتَبْشِـرُونَ بِخَيْـرٍ كـانَ فِي الـدّارِ
لكِنَّـهُ صَنَــمٌ مِـنْ مَعْـدِنٍ نَجِــسٍ           قَدْ أَدْمَنَ الحَرْقَ لا يَحْنُو عَلَـى جَـارِ
وَإنْ سَـأَلْـتَ عَنِ الأَخْبـارِ فِي عَـرَبٍ      لا تَنْتَظِــرْ أَحَـدًا يَأْتِـي بِأَخْيـارِ

الثلاثاء، 5 فبراير 2013

جبهة النصرة لبلاد الشام



"جبهة النصرة لبلاد الشام"



الولايات المتحدة عبّرت عن تخوفها من "جبهة النصرة" فوضعتها على لائحة "المنظمات الارهابية"

 الائتلاف الوطني السوري المعارض رفض التخوّف الأميركي، فأنزل شعار "لا إرهاب إلا إرهاب أميركا "في التظاهرات السورية الداخلية التي باتت قليلة بعد أن نجح النظام السوري المجرم بدمويته المذهلة في عسكرة الثورة .عدد من المثقفين المعارضين لنظام الأسد أبعدوا هذا الكأس المرّة عن تناولهم، أو خفّفوا من خطورتها. بينما  التعليقات من نوع "كل العمليات المزلزلة قامت بها النصرة"، أو "وضعوا أرواحهم على كفهم من أجلنا"، أو "من ينكر فضل النصرة كمن ينكر شعاع الشمس"، أو "فجأة صار 80 بالمئة من الكلام عن النصرة!"، أو "الاسلاميون مليون مرة ولا النظام الفارسي الطائفي"، أو "الوقت ليس للصراعات الجانبية"... وهي كلها تأتي ردّاً على من يحاول، من خلال الفايسبوك، خصوصاً، أن يطرح موضوع "جبهة النصرة" بشيء من النقد.

إسكات الأصوات السورية  التي تحاول أن تنقل إلى العلن ما يدور في عقلها من قلق على مصير الثورة,أو التي تنقل ما يجري على الأرض التي خضعت للفاتحين من جبهة النصرة أصبح هدفا لكل المبهورين بالقاعدة وتركيبتها السياسية العسكرية:الخبز مع دروس التوعية الدينية,الدواء مع منع الموسيقا والأهازيج حتى في المظاهرات,الحجاب الإجباري بما فيه الوجه وإرخاء اللحى ووووو......

ماذا سيكون مصير السلاح الذي "حرّرنا من الأسد وشبيحته "، والرجال الذين "وضعوا أرواحهم على كفهم"، وقاموا بـ"عمليات مزلزلة"... الخ.درس حزب الله في لبنان ليس بعيدا : ان الذين لن يستشهدوا من بين الحاملين لـ"أكفانهم فوق أكتافهم"،سوف يعيثون خراباً ، ويجرّون الذين لم يتسلحوا ولم يزلزلوا، إلى التسلح والإعداد لبراميل البارود...  المسلحون الذين "يحرّروننا"، مهما كانت صفتهم، سوف يستعبدوننا بعد ذلك وسيكون علينا أن نتحرر منهم كما نتحرر الآن من بشار الأسد وعصايته.

ما نعرفه حتى الآن عن هذه المجموعة المسلحة المنخرطة في حرب ضد النظام السوري ليس بالكثير: نشأة "شامية" عراقية، قريبة من تنظيم "القاعدة" بأشخاصه وباستراتيجيته، مع شيء من التعديل في "تكتيكه". بعض شبابها من السوريين المنخرطين معها قالوا انها جذبتهم بانضباطيتها، بمواردها المالية والعسكرية، وبشجاعة مقاتليها الفائقة ,إضافة إلى المؤسسين وهم المجاهدون من غير السوريين عربا وغير عرب والذين يقدرون بحوالي 3000 مقاتل. في شريط على اليوتيوب منذ شهرين، أعلنت "جبهة النصرة" عن برنامجها بإقامة دولة إسلامية في "بلاد الشام"، وتطبيق الشريعة الاسلامية بل وإقامة "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"على الطريقة الوهابية أما لغتها وأناشيدها، فمفعمة بتعابير "القاعدة" الكلاسيكية: الجهاد المقدس ,هلك الشبيحة، الشياطين الكفار، الباطل والحق، إعلان النفير، تنصيب "الأمراء"... ولا كلمة واحدة عن الديموقراطية؛ إنهم لا يحاربوا من أجل الحرية أو الديموقراطية، إنما من أجل إسقاط بشار "الكافر النصيري"، كما يقول أحد بياناتها، ومن أجل "إعلاء كلمة السنّة والجماعة". طائفيتها لا تحتاج الى بلاغ، وهي معمّمة: هي تقاتل الروافض والنصارى بعد النصيريين. انها  واضحة وضوح طائفية نظام الأسد المجرم . بلغ إسفافها الطائفي حداً أن البعض اعتقد، في بداية ظهورها انها من صنع المخابرات السورية وقد تكون هكذا سابقاً، أما الآن؟  لقد أصبحت مستقلة في حركتها  لدرجة أن أحد قادتها منع دخول السلاح للجيش الحر في حمص لأنه لم يحصل على الجزية .تفجيراتها يغلب عليها الطابع الارهابي "القاعدي" إنها مصوبة ضد شبيحة النظام، وإن كانت لا تبالي، كما عهدت منظمتها الأم: القاعدة، بالضحايا الأبرياء الواقعين في طرق مسيرتها الملحمية نحو إقامة الدولة الاسلامية.

جبهة النصرة صنفها الأميركيون "منظمة إرهابية". فصار هذا التصنيف سبباً أو ذريعة لعدم وفائهم بوعودهم السابقة بتسليح المعارضة السورية. من أين أتوا بهذا الموقف؟ من تجربة الخريف الماضي، عندما قادت إحدى المجموعات الليبية  المشابهة لجبهة النصرةعملية إحراق السفارة الأميركية وقتل السفير الأميركي وموظفين آخرين، إحتجاجا على "الفيلم المسيء للرسول". يومها طلعت الكثير من التعليقات الأميركية الرسمية المشكّكة بجدوى تزويد حركات المعارضة العربية بالسلاح طالما انها ستبقى على قديمها من العداء العنيد ضد أميركا على أساس ديني فقط.لكن الأهم، هو ما حصل مؤخراً، بعد الحرب الفرنسية في مالي ضد منظمتين "جهاديتين" قاعديتين، والتي أصدرت "جبهة النصرة" شريطاً تدعمهما في "جهادهما" ضد "الصليبيين". على الفور، كانت الحكومة الفرنسية تغيّر لهجتها تجاه الثورة السورية : تتحفظ، وتؤجل، وتغير أولوياتها الدولية وتعيد السفير الفرنسي إلى دمشق . بكلام آخر، "جبهة النصرة" تؤخّر التقدم السياسي للمعارضة السياسية. هذا لكي لا نتكلم عن حجب الدعم العسكري لها الذي يطيل حرب النظام على السوريين وعذاباتهم.

وهكذا وبفضل جبهة النصرة فإن النظام الأسدي المجرم يكسب على مستويين: المعنوي أولاً. فكلما برزت "جبهة النصرة" بعملية انتحارية، أو إعلانات جهادية أو قصص عن توليها تنظيم شؤون الذين تحت سيطرتها حسب "الشريعة الاسلامية". بدا "صدق" النظام في علمانيته المزعومة :الواقع أنه هو من يجرّ البلاد نحو الطائفية والجهاديين، ثم يصرخ للعالم: "ألم نقل ذلك لكم؟ اننا نحارب الطائفيين المتعصبين الظلاميين، مفجرّي السيارات المفخخة...؟" الخ. أما على المستوى العسكري فلم يقف منع تسليح المعارضة عند الأسلحة النوعية  كالصواريخ المضادة للطائرات أو إقامة مناطق آمنة أو مناطق حظر جوي بل شمل المنع الذخائر البسيطة للجيش الحر وهكذا تراجع الجيش الحر وبدأ النظام يلتقط أنفاسه وتجرأ السفاح  وعاد من السفينة الروسية التي اختيأ ىفيها أكثر من ستة أشهر قبالة شاطئ طرطوس  وفي هذه الأثناء، تتوسع "جبهة النصرة" وتتراكم "الانتصارات" الانتحارية.

الأنثى

   ا لحبُّ عند "آرثر شوبِّنهاور - نفى شوبنهاور عن إناث البشر أي سحر جسدي حقيقي ، وأضاف أننا نخطئ حين نطلق لفظ "الجنس اللطيف" ...