الاثنين، 17 أكتوبر 2011

سورية في محيطها العربي

يسود الاعتقاد بين الباحثين بأن السكان الأصليين لسورية هم العموريون والكنعانيون الذين تعود حضارتهم الى نيف وخمسة آلاف سنة، تعاقبت خلالها على بلاد الشام أكثر من خمس وعشرين حضارة قبل أن تستقر في حضن العروبة الحميم.
ويغلب الظن أن العموريين كانوا ذوي بنية قوية وبشرة فاتحة وقد جعلت ملامحهم الخاصة نفراً قليلاً من علماء الآثار يصنفونهم من العرق الآري، لكن معظم الآخرين يعتبرونهم ذوي منبت سوري اصيل ويعتقدون بأنهم كانوا يتواصلون باحدى اقدم اللهجات السامية في المنطقة. وتدل رقم عديدة اكتشفت في ايبلا وماري، وهما موقعان أثريان هامان في سورية ويعود تاريخهما الى ماقبل الألف الثالث قبل الميلاد، على ملامح امبراطورية سورية اصيلة ذات جبروت ورقي وحضارة، كانت تسيطر على سورية وبلاد ما بين النهرين والاناضول وفارس. وقد استجد في السنوات الأخيرة تغيير اساسي في نظرة المؤرخين للتاريخ القديم، تجلى على حد قول جوناتان توب من المتحف البريطاني، في "أننا اصبحنا نرى الآن العموريين يمتدون الى بلاد ما بين النهرين ويؤثرون على الاحداث هناك عوضاً عن الأمر المعاكس".
وكان للعموريين مدن رئيسية أهمها ايبلا وآرام (حلب) وماري (ربما عاصمتهم الأولى) وبابل. وقد تمثلت انجازاتهم الرئيسية في انهم أدخلوا مفهوم حكم القانون واستبدلوا النظام السياسي القائم على ولايات المدن والموروث من العالم القديم بنظام الممالك. وبهذا لم يعد البشر والاراضي والماشية ملكاً حراً للآلهة والمعابد والملك بل أضحت الملكية مفتوحة للجميع، مما مهد الطريق لولادة مجتمع جديد مؤلف من المزارعين والمواطنين الاحرار والتجار المبادرين وهوالمجتمع الذي استمر بعد ذلك عبر العصور. وقد اصبح الشعب يومها لأول مرة في تاريخ الانسانية محكوماً بدولة القانون- قانون حمورابي ملك بابل العموري الذي اعتُمِد بحلول العام 1750 قبل الميلاد - بكلمة أخرى فانه لولا سورية ولولا العموريين لما كان هناك حمورابي البابلي ولا دولة القانون التي أرسى دعائمها.
أما الكنعانيون (الذين سماهم الاغريق الفنيقيين) فقد كانوا الشعب السوري الاصيل الثاني والمماثل للعموريين، وقد كانوا يقطنون جنوب بلاد الشام وساحلها. نشأت كنعان كوحدة سياسية مؤلفة من كونفدرالية مرنة من ولايات المدن خلال الألف الثالث قبل الميلاد. وبرزت مدن الكنعانيين الرئيسية على شكل ممالك في دمشق ومدن بلاد الشام الساحلية من عكا الى صور وصيدا وجبيل وأرواد وأوغاريت وكذلك في فلسطين وصولاً الى قادش في سورية الوسطى.
وتمثل الانجاز الرئيسي للكنعانيين بدون جدال في ايجاد أبجدية الكتابة الاولى المبنية على الحروف بالمقارنة مع النصوص السابقة القائمة على المقاطع اللفظية. وقد تم اختصار هذه الابجدية الكنعانية من قبل عموريي الألف الاول قبل الميلاد: الآراميون، لكي تصبح أساساً للغة الآرامية التي سادت كامل الشرق من مصر الى فارس طوال الف عام (لغة يسوع المسيح). بكلمة أخرى فانه لولا سورية ولولا الكنعانيين لما كان هناك اوغاريت وابجديتها الأولى التي انبثقت عنها جميع الأبجديات.
وما وحد بكل تأكيد العموريين والكنعانيين كان اعتمادهم الرئيسي على التجارة فقد نجحوا خلال اكثر من الفي سنة في ادارة المعبر التجاري الى البحر المتوسط – بحر عمور( امورو) العظيم - مسيطرين على انتقال البضائع في المنطقة باكملها في البر والبحر من والى بلاد الشام. وتطالعنا ذكرى هاتين الحضارتين السوريتين الاصيلتين في انهن كانتا معتادتين على التعايش اذ ان الشعبين كانا يتبادلان الأكثرية والأقلية حسب المدينة المعنية دون أن يلجأ احدهما الى السيطرة الكاملة على الآخر او الغائه. هذا التعايش الأزلي الذي اعتمد دائماً على المنفعة التجارية والتسامح المتبادل، ربما انعكس ايجابأ على طريقة فهم السوريين لمعتقداتهم الدينية التي اعتنقوها لاحقاً في ازمنة تاريخية مختلفة.  وقد يفسر ذلك عمق انتشار الدين الاسلامي الحنيف بمدرسته الوسطية المنفتحة في سورية ومنها الى العالم أجمع.
 وبالعودة الى الزمن الحديث، تبرزاليوم آفاق جديدة امام سورية لأول مرة في تاريخها المعاصر. فمن الواضح ان اوروبا واللاعبين الاساسيين على الساحة الدولية بدأوا يبدلون نظرتهم الى الشرق الأوسط ولم يعودوا يعتبرونه بالضرورة منطقة عازلة أو منطقة تماس بين الشرق والغرب بل مركزاً حضارياً واقتصادياً مكتملاً بحد ذاته. ومن المفيد هنا التأكيد على أن الوسيلة الوحيدة لكي تتصالح اوروبا مع تاريخها تكمن في تشميل سورية والشرق الاوسط ضمن التيار العام للنظام العالمي. التشميل أو التضمين   (Inclusivity)يجب أن يكون اذاً الكلمة المفتاح بالمقارنة مع التجاهل أوالاستهانة. إن الشعب العربي في منطقة بلاد الشام المعروف تاريخياً منذ ايام اسلافه العموريين والكنعانيين بموهبته المتميزة في مجال المبادرة التجارية، يستطيع ان يحول بلاده الى مركز استقطاب للمبادلات التجارية. ان سورية تستطيع أن تصبح من جديد الممر الطبيعي الى المتوسط في منطقة يديرها ابناؤها حصراً وتقوم على مبادئ التنمية الاقتصادية  وحكم القانون والتوافق الاجتماعي والديني.
ولا ريب في أن الشلل العام الذي بات متفشياً لدى الدول العربية خلال وبعد عهد بوش الأسود، والخلافات التي انتشرت ولايزال بعضها مترسباً في الصفوف العربية، جعلت سورية تلجأ الى توسيع منظورها الاستراتيجي من خلال تمتين علاقاتها بالدولتين الهامتين تركيا وايران. وقد بدأت سورية تدرس اليوم امكانية انشاء تفاهم اقليمي جديد يكون له انعكاس اقتصادي وسياسي عام على جميع الأطراف المعنية ويمكن أن يؤدي، بعيداً عن سياسة المحاور، الى جعل شرقنا الاوسط لاعباً معترفاً به في السياسة الدولية، على نقيض الوضع الحالي الذي يجعله متلقياً للأجندات ومحاولات الإملاء الأجنبية. ان بلدنا يطمح إلى تشكيل تكتل مع العراق يُمكِن البلدين، بمساندة من محيطهما العربي، أن يكونا شريكين معتبرين في تفاهم رباعي مع كل من تركيا وايران. تفاهم يفرض معادلة جديدة في المنطقة ستكون بالتأكيد أكثر نجاعة في سعينا لاستعادة حقوقنا الوطنية والحضارية والاقتصادية.
من الواضح انني حاولت في ما سبق ان أسلط الضوء على ارتباط حراك سورية السياسي الراهن بالجذور العميقة لتاريخها وحضارتها. وقد ذكرت العموريين والكنعانيين كمصدر الهام من اجل التطلع الى تموضع مستقبلي ايجابي لبلدنا في محيطه العربي وفي العالم.



 

السبت، 15 أكتوبر 2011

متى ستسترجع الأمة كرامتها


دم  الكرامات في آذار1 مطلول                    فاثأر دمانا فدى للثأر أيلول2

إن مات جيل على الأقدام هامته                  فبعده للعلا من كبرنا جيل

لا تشتر الوحش3 إلا والعصا معه                 فإن تحكم فالإخلاص تنكيل

يا جمعة4 الشؤم من آذار موعدنا                بعد انتصار الهدى كفر وتضليل

ستشرق الشمس من أيلول ثانية                والعمر عندي مدى الأيام أيلول

1:انقلاب 8 آذار

 28:2أبلول الخلاص من تجربة الوحدة تامريرة مع مصر وعودة الحياة الديموقراطية 

3:حافظ بن علي بن سليمان الوحش المعروف لاحقا بحافظ الأسد

4:الجمعة التي صادفت 8 آذار 1963

لجنة لفبركة دستور لدولتنا الفتية


حاكم غير شرعي ورث الحكم بطريقة  غير شرعية  من أبيه الحاكم غير الشرعي يشكل لجنة غير شرعية  لتفبرك دستور يعرض على  مجلس غير شرعي لإقراره . لماذا؟ للهروب من اجتماع الجامعة العربية غدا برغم أن الأخيرة لم تفعل شيئا لايقاف حمام الدم المستمر في سورية منذ 7 أشهر.

عودة إلى مسرحية  غربة :(الله يرحم محمد الماغوط)المشهد الأول من الفصل الأول:

http://www.arab2.com/Videos/2008/ghorbah.html

حوار بين الحاكم والشرطة التابعة له :

_والله مبارح باجتماع سري ومغلق بيني وبين حالي فبركتلكم هالدستور.

_وين الدستور ؟

_بالخرج

_وين الخرج؟

_عاضهر الحمار

_وين الحمار؟

_بالسجن

_ليش؟

_لأنه أكل الدستور

_ولك يخرب بيته كيف انهضم معه هيك دستور.

دستور حافظ و رفعت أم دستور بشار و ماهر

7 أشهر من عمر الثورة السورية

عن مركز الجزيرة للدراسات

بمرور الأسبوع التاسع والثلاثين، تشهد المواجهة الطويلة بين الشعب السوري ونظامه الحاكم ثلاثة تطورات بالغة الأهمية، سيكون لها أثر بالغ على مجريات الأزمة الطاحنة التي تعيشها سورية:
تزايد معدلات الانشقاق في الجيش العربي السوري، ونزوع متزايد للضباط والجنود المنشقين إلى خوض مواجهات مسلحة مع قوات الأمن والجيش التي تهاجم الأهالي والمحتجين في المدن والبلدات السورية.
  1. تفاقم الأزمة الاقتصادية – المالية لنظام الحكم.
  2. نجاح المجلس الوطني المنعقد في اسطنبول في توسيع دائرة عضويته، لتضم القطاع الأكبر من قوى المعارضة السورية في داخل وخارج البلاد.

فيما يلي محاولة لقراءة كل هذه التطورات الهامة، وما يمكن أن تتركه من أثر على سياق الثورة السورية والأزمة التي تلفّ البلاد.



شهدت الانتفاضة السورية، منذ منتصف الصيف، دلائل متفرقة على توجه لحمل السلاح ضد قوات الأمن والجيش. ولكن هذا التوجه ظل مقصوراً على مجموعات صغيرة من السوريين الذين حركتهم على الأرجح دوافع الثأر والغضب. ولكن الاشتباكات المسلحة التي اندلعت منذ محاولة قوات الأمن والجيش اقتحام مدينة الرستن في 27 سبتمبر/ أيلول، والتي استمرت لأربعة أيام، تؤشر في صورة كبيرة إلى بروز بُعد العسكرة في الانتفاضة الشعبية السورية. الحقيقة أن القوات المهاجمة لم تستطع في النهاية اقتحام الرستن إلا بعد حشد مئات الدبابات والعربات المصفحة، وإيقاع دمار كبير بالمدينة ومنازل الأهالي. وتفيد تقارير دوائر المعارضة السورية أن أعداد القتلى تجاوزت المائة.

تعتبر الرستن ومحيطها العشائري منطقة ذات طابع خاص من حيث علاقتها بالجيش السوري، إذ تذكر تقارير أن 17 ألف ضابط وجندي على الأقل من العسكريين ينحدرون من الرستن وجوارها، مما يجعلها واحدة من أهم الخزانات البشرية للجيش السوري. والمؤكد أن العناصر المسلحة التي واجهت اقتحام الرستن تنتمي في أغلبها إلى ما بات يعرف بالجيش السوري الحر، المشكل من جنود وضباط منشقين خلال الأشهر القليلة الماضية، قرروا الانضواء في كتائب منظمة لحماية الأهالي من هجمات قوات الجيش والأمن وميليشيات النظام القمعية. ونظراً للعلاقة الخاصة بين منطقة الرستن والجيش، وأن أعداداً كبيرة نسبياً من المنشقين هم أصلاً من أبناء المنطقة، فربما كان اختيار الرستن لإظهار مقدرة الجيش السوري الحر على المواجهة أمراً منطقياً.

بيد أن ثمة مؤشرات على أن المواجهات المسلحة لا تقتصر على الرستن، فهناك مواجهات مشابهة، وإن على نطاق أضيق، اندلعت في الوقت نفسه في منطقة حماة. وكانت أخرى شبيهة قد سجلت في مناطق أخرى من سورية، لاسيما في ريف دمشق وريف إدلب ومنطقة الحدود السورية – اللبنانية. بعض الاشتباكات نجم عن هجمات خططت لها مجموعات مسلحة، وبعضها الآخر عن هجمات الجيش على مواقع يعتقد بأن الجنود المنشقين تحصنوا فيها، وثالثة اندلعت تلقائياً بفعل انشقاقات جديدة في صفوف الجيش.

على أن منذ بداية الانتفاضة السورية ووسائل إعلام النظام تروج لوجود جماعات إرهابية مسلحة تنشط في أنحاء البلاد، ولكن تلك الادعاءات في الواقع استهدفت تسويغ عمليات القتل والقمع الدموية التي استخدمها النظام ضد جموع المواطنين المحتجين. الحقيقة أن حركة الاحتجاج السورية انطلقت سلمية ولا تزال في تجلياتها العظمى كذلك. المتغير الطارئ على الانتفاضة الشعبية كان حركة انشقاق الضباط والجنود الذين لم تستطع ضمائرهم احتمال الأعباء الأخلاقية والدينية لقتل شعبهم.

بدأت الانشقاقات المعلنة عن الجيش بخروج الملازم أول عبد الرزاق محمد طلاس يوم 6 يوينو/ حزيران. وبعد ثلاثة أيام أعلن المقدم حسين هرموش انشقاقه هو الآخر، وقد أثارت عملية القبض عليه من الاستخبارات السورية مؤخراً قدراً واسعاً من الجدل. وفي 3 أغسطس/ آب أصدر العقيد رياض الأسعد، أرفع الضباط المنشقين رتبة، البيان الأول للجيش السوري الحر في إشارة إلى توجه الجنود المنشقين لتنظيم أنفسهم.

طبقاً لتصريحات العقيد الأسعد (رويترز- 30 سبتمبر/ أيلول)، فإن تعداد الجنود والضباط المنضوين في صفوف الجيش السوري الحر بلغ 10 آلاف عنصر. هذا رقم كبير بالطبع وليس هناك من طريقة للتأكد من حقيقته. ولكن تقديرات أخرى تشير إلى أن تعداد المنشقين المنضوين تحت راية الجيش الحر لا يتجاوز مئات من الجنود انضمت إليهم مئات أخرى من الأهالي المدربين. ولكن هذا لا يمنع أن تكون أعداد المنشقين قد وصلت فعلاً إلى آلاف من الجنود والضباط لم يتخذ جميعهم قرار الانخراط في صفوف الجيش الحر بعد.

في سورية، كما في معظم أنحاء المجال العربي، ليس من الصعب الحصول على السلاح، لاسيما إن كان المسلحون ضباطاً وجنوداً عملوا في القوات المسلحة حتى وقت قريب، وكانت حاجتهم للسلاح تتعلق بعمليات أقرب إلى نشاطات حرب العصابات. ولكن استمرار المواجهات المسلحة واتساع نطاقها سيتطلب توفير إمكانات مادية متزايدة ليس من الواضح كيفية توفرها.


في حديث لصحيفة الغارديان البريطانية (29 سبتمبر/أيلول) أشار مدير سلسلة من الفنادق بمدينة دمشق إلى أن فنادقه كانت محجوزة تقريباً بأكملها في فبراير/شباط الماضي لعدة شهور قادمة، لكن كل تلك الحجوزات ألغيت خلال أسابيع من اندلاع الانتفاضة الشعبية.

ويعتقد أن قطاع السياحة السوري، الذي يدرّ على البلاد ما يقارب 8 مليارات دولار في العام قد أصيب كلية بالشلل. حتى السوريون المغتربون لم تعد سوى قلة ضئيلة منهم ترغب في قضاء إجازاتها السنوية في بلادها.

ولا يمثل قطاع السياحة سوى مؤشر واحد على الانحدار السريع الذي يعاني منه الاقتصاد السوري بعد مرور أكثر من ستة شهور على الانتفاضة الشعبية. ففي أغسطس/آب الماضي قال حاكم البنك المركزي السوري (رفضت واشنطن منحه تأشيرة دخول مؤخراً للالتحاق باجتماعات البنك وصندوق النقد الدوليين) إن البنك أنفق زهاء بليوني دولار حتى الآن للدفاع عن قيمة الليرة السورية (من رصيد لا يتجاوز 16 مليار دولار من الاحتياطي الوطني). ولكن الواضح أن جهود البنك المركزي ليست كافية للحفاظ على وضع الليرة التي يتم تبادل 73 منها لشراء اليورو الواحد في قطاع العملات الخاص، بينما السعر الرسمي لا يتجاوز 66 ليرة لليورو.

وتكاد حركة الدولار تتوقف كلية، لداخل وخارج البلاد، في مؤشر للتراجع الكبير في حجم التبادل التجاري استيراداً وتصديراً. وكانت وزارة التجارة والاقتصاد قد فرضت حظراً على استيراد السيارات وعدد آخر من السلع الكمالية، في محاولة لوقف استنزاف رصيد الدولة الاحتياطي من العملات الأجنبية (سرعان ما تراجعت عنه خشية من الأثر التضخمي الهائل للعقوبات الغربية). ولكن المشكلة أن مثل هذا التدهور الاقتصادي يوقف نشاطات الآلاف من رجال الأعمال الذين لم يزل أكثرهم أقرب إلى وجهة نظر النظام منهم إلى وجهة نظر المحتجين. ويقول ناشطون معارضون ومراقبون من داخل البلاد إن العمل في الموانئ السورية الرئيسية وصل إلى أدنى مستوياته على الإطلاق. وبالرغم من أن الدولة لم تزل تدفع رواتب موظفيها بانتظام، فقد فرضت مؤخراً ضريبة إضافية عليهم لدعم ميزانيتها.

بيد أن العبء الأكبر على واردات الدولة سيأتي من العقوبات الاقتصادية والمالية ثقيلة الوطأة التي فرضتها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. أحد أبرز العقوبات يتعلق بوقف استيراد النفط السوري الخام، الذي سيبدأ مفعوله في منتصف شهر أكتوبر/تشرين أول الحالي. والمعروف أن سورية تنتج حوالي 400 ألف برميل من النفط يومياً تصدر منها 150 ألف برميل. هذا رقم ضئيل بالطبع بالنظر إلى حجم سوق النفط العالمية، ولن يترك حظره أثراً يذكر على هذه السوق. ولكن بالنظر إلى أن تصدير هذه الكمية من النفط يدر على الميزانية السورية 6 مليارات دولار سنوياً، فمن السهل تصور أثره. أما ادعاء المسؤولين السوريين سهولة وجود أسواق أخرى لتصدير النفط فلا يبدو أن هناك ما يؤيده، إذ أن النفط السوري من النوع الثقيل الذي لا توجد مصافي نفط مؤهلة لاستخدامه سوى في عدد من الدول الأوروبية.

من المبكر بالطبع القول إن الاقتصاد السوري في طريقه إلى الانهيار أو أن مقدرات الدولة قد جفت كلية. ولكن حجم الاقتصاد السوري صغير نسبياً، ولا يتجاوز أكثر من مائة وقليل من المليارات.

وبالرغم من أن تقارير مبكرة أفادت باستعداد إيران لتقديم عون مالي أو قرض للنظام السوري بعدة مليارات من الدولارات، فإنه لم تتوفر حتى الآن أدلة تؤكد هذه التقارير. مهما كان الأمر، وحتى إن كانت إيران تعتزم تقديم مثل هذا الدعم، فمن المؤكد أن المساعدات الإيرانية ستظل محدودة وقاصرة عن مواجهة أعباء النظام السوري. سورية على أية حال دولة بأربعة وعشرين مليوناً من السكان وليست منظمة سياسية.


يتعلق التطور الثالث في الساحة السياسية السورية بالإعلان في مدينة اسطنبول (الأحد 2 أكتوبر/تشرين أول) عن تشكيل المجلس الوطني السوري في صيغته الموسعة التي تضم القطاع الأكبر من قوى المعارضة والحراك الشعبي بما في ذلك: الهيئة الإدارية للمجلس الوطني التي عملت طوال شهرين من أن أجل تحقيق هذا الإنجاز الكبير، إعلان دمشق، الإخوان المسلمون، التجمعان الرئيسان للتنسيقيات، عدة قوى كردية، شخصيات سورية ليبرالية معارضة بارزة مثل برهان غليون. سيضم المجلس زهاء 230 عضواً تتشكل منهم أمانة عامة من 29 عضواً يمثلون كافة الكتل والتوجهات التي انضوت تحت مظلة المجلس، وهيئة رئاسية من سبعة أعضاء يتداولون رئاسة المجلس لفترة زمنية محددة.

كتب بيان الإعلان عن المجلس بلغة راديكالية ومسؤولة في آن، مطالباً بتغيير جذري وشامل في نظام الحكم ومؤكداً على استقلال سورية ورفض التدخل الأجنبي العسكري. ولكن بيان المجلس أكد في الوقت نفسه على مسؤولية المجتمع الدولي في الحفاظ على حياة السوريين الذين يتعرضون للموت والاعتقال والتعذيب على يد قوات النظام العسكرية والأمنية.

خلال ساعات من الإعلان عن ولادة المجلس، الذي لم تكتمل هيئاته القيادية بعد، انطلقت المظاهرات المؤيدة له في كافة أنحاء سورية، لتستمر طوال اليومين التاليين، ورفعت مظاهرات يوم الجمعة شعار "المجلس الوطني يمثلني". وبذلك يكون الشعب السوري قد حسم الجدل حول مسألة تمثيل الثورة وتوحيد قوى المعارضة. كما صدرت عبارات ترحيب بالمجلس من الناطقين الرسميين باسم الحكومتين الأميركية والفرنسية. ويعتقد أن دولاً غربية، إضافة إلى تركيا وبعض الدول العربية، ستؤسس خلال الأسابيع القليلة القادمة علاقات اتصال وعمل وتشاور مع المجلس.

وليس ثمة شك في أن تشكيل المجلس يشير إلى نجاح قوى المعارضة، بخلفياتها الإثنية والفكرية والطائفية المختلفة إضافة إلى مجموعات الحراك الشعبي المحلية، في تجاوز عقبة كبيرة أثارت دوماً الكثير من الأسئلة حول ما إن كان بإمكان الثورة السورية أن تتقدم للعالم بعنوان سياسي يتمتع بثقل تمثيلي مقنع. وقد كانت غيبة مثل هذا الجسم التمثيلي مصدر ارتياح كبير للنظام والملتفين حوله.

الآن يجدر بالنظام أن يستشعر قلقاً إضافياً بفعل هذا التطور، قلق لا يقل عن إخفاقه في قمع واحتواء الحراك الشعبي المتسع.


لم يكن خافياً من البداية أن سورية ستكون واحدة من أصعب حلقات ما بات يعرف بالربيع العربي، ومحاولة الشعوب العربية صناعة تغيير تاريخي تحولي في حياتها السياسية. مع نهاية أغسطس/آب بدا وكأن كفة ميزان القوى قد مالت لصالح الحراك الشعبي. ولكن حملة قمع غير مسبوقة طوال الأسابيع التالية، في سياق من الصمت والتجاهل العربي والدولي، أعادت الأوضاع إلى ما كانت عليه في منتصف أشهر الصيف: حركة شعبية غير قادرة على إطاحة النظام الحاكم، ونظام عاجز عن اجتثاث أو احتواء الحركة الشعبية. ما أدى إليه هذا الوضع الارتدادي كان اتساع الفجوة بين الشعب والنظام وتوليد حالة من القنوط في أوساط القوى الشعبية، في وقت تجاوز عدد ضحايا الثورة الثلاثة آلاف قتيل ومائة ألف معتقل.

هذا هو السياق الذي يدفع الثورة السورية إلى وجهة عسكرية، بمعنى التخلي عن الطابع السلمي المطلق للثورة والتوجه إلى حمل السلاح للدفاع عن النفس. التجلي الأهم والأبرز لهذا التوجه يتمثل في تنظيم الضباط والجنود المنشقين عن الجيش، والذين تزداد أعدادهم في صورة متسارعة، أنفسهم كقوة مقاتلة.

ليس من السهل بعد تقدير المدى الذي يمكن أن يصل إليه هذا التطور في مجريات الثورة السورية، أو قدرة الجيش السوري الحر على الصمود. ولكن في حال اتسع نطاق هذه الظاهرة فلن تساهم فقط في انهيار النظام ومؤسسات القمع التي يرتكز إليها، ولكن أيضاً في تفاقم المسألة الطائفية، فالمؤكد أن كل الضباط والجنود المنشقين حتى الآن هم من المسلمين السنة.

من جهة أخرى، وفي مقابل تصاعد حملة القمع الدموي التي يتعهدها النظام، والتي نجحت حتى الآن في منع التظاهرات من تكرار ظاهرة مئات الألوف التي عرفتها حماة في منتصف الصيف ومنع رياح الثورة من الوصول إلى وسط مدينتي دمشق وحلب، فإن خسائر النظام على الصعيدين الاقتصادي والسياسي تبدو فادحة. تشير التقديرات إلى أن الاقتصاد السوري في طريقه للانكماش هذا العام بمعدل 2 بالمائة على الأقل. أما إيرادات الدولة المالية فستتعرض لضربات مؤلمة بفعل: انهيار السياحة، تراجع معدلات الإنتاج والتصدير، العقوبات المفروضة على النفط السوري، كما على نشاطات شركات ومؤسسات سورية مملوكة لمقربين من النظام.

أما على الصعيد السياسي، فقد نجحت قوى المعارضة والحركة الشعبية في تأسيس مجلس وطني موحد، مما سيسهم في المزيد من عزلة النظام. وإن كان الفيتو الروسي–الصيني المشترك ضد مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن الدولي ضد سياسات النظام السوري يعني أن الموقف الدولي لم يزل عاجزاً عن تقديم عون ملموس للشعب السوري، فذلك لا يجب أن يكون مصدر ارتياح كبير للنظام في دمشق. هذا الفيتو ليس سوى توكيد جديد على انقسام القوى الكبرى من المسألة السورية، وليس على تحسن المناخ الدولي للنظام. ما ينبغي مراقبته الآن هو مدى استعداد الدول العربية للتعامل مع المجلس الوطني السوري.


الأحد، 9 أكتوبر 2011

طائر الرعد

ويكون أن يأتي
يأتي مع الشمس
وجه تشوه في غبار مناهج الدرس

ويكون أن يأتي
بعد انتحار القحط في صوتي
شيء روائعه بلا حد
شيء يسمى في الأغاني :
طائر الرعد

لابد أن يأتي
فلقد بلغناها
بلغنا قمة الموت

فكيف يحس إنسان يرى قبره

قرأت أسمي على صخرة
وبين اسمين في الصحراء
هنا في وحشة الصحراء
على آجرة حمراء
على قبر
فكيف يحس إنسان يرى قبره
***********
و كان يطوف من جدّي 
مع المدّ 
هتاف يملأ الشطآن

يا ودياننا ثوري 
و يا هذا الدم الباقي على الأجيال 
يا إرث الجماهير 
تشظّ الآن

و اسحق هذه الأغلال 
و كالزلزال 
هزّ النير

 أو فاسحقه و اسحقنا مع النير

الأنثى

   ا لحبُّ عند "آرثر شوبِّنهاور - نفى شوبنهاور عن إناث البشر أي سحر جسدي حقيقي ، وأضاف أننا نخطئ حين نطلق لفظ "الجنس اللطيف" ...